يعد توفير العلاج من أهم مقومات الحياة في مصر، في ظل الغلاء وضعف الأجور، ما يجعل نظام العلاج على نفقة الدولة من أبرز اهتمامات المواطنين، خاصة أنه يخدم ما يزيد عن المليوني مواطن سنويا.
وفي ظل هذا الرقم الكبير تثير أخبار تراجع دعم هذا الملف أو تخلي الحكومة عنه في إطار برنامجها لإصلاح الاقتصاد مخاوف عريضة لدى المصريين، وعلى الرغم من النفي الرسمي الأخير لتلك الأنباء، إلا أنه في المقابل ينتظر تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل، الذي يراه البعض أنه سيقوم بإلغاء ملف العلاج على نفقة الدولة.
ورصدت وزارة المالية مخصصات لبرنامج العلاج على نفقة الدولة بنحو 5.7 مليارات جنيه في موازنة العام المالي الجاري، مقابل 4.6 مليارات جنيه عن العام الماضي، إلى جانب 1.5 مليار، لسداد اشتراكات غير القادرين في التأمين الصحي.
العلاج مستمر
وكانت قد انتشرت شائعات في وقت سابق عن توقف وزارة الصحة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، وهو ما نفاه المركز الإعلامي لمجلس الوزراء اليوم الخميس.
وقالت وزارة الصحة والسكان وفقا لبيان صادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: “إنه لا صحة على الإطلاق لوقف قرارات العلاج على نفقة الدولة، وأنها حريصة كل الحرص على توفير خدمة صحية للمواطنين القادرين وغير القادرين”.
ولفتت الوزارة إلى أنه بدأ العد التنازلي لتطبيق مشروع التأمين الصحي الشامل، المقرر انطلاقه من بور سعيد بتكلفة 1.8 مليار جنيه، على أن يجرى تعميمه على باقي المحافظات تباعا.
وأضافت الوزارة: “أن نظام التأمين الجديد سيبدأ في الخمس محافظات الأولى التي سيُطلق المشروع بها، وهي: بور سعيد، وشمال وجنوب سيناء، والسويس، والإسماعيلية، على أن تكون البداية بمحافظة بور سعيد.
إحصائيات وأرقام
وتكشف الموازنة العامة مقدار الإنفاق السنوي على برنامج العلاج على نفقة الدولة، ففي ميزانية 2018 – 2019 رصدت وزارة المالية مخصصات لبرنامج العلاج على نفقة الدولة بنحو 5.7 مليارات جنيه مقابل 4.6 مليارات جنيه عن العام الماضي، إلى جانب 1.5 مليار لسداد اشتراكات غير القادرين في التأمين الصحي، مع زيادة المخصص لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية إلى 13.4 مليار جنيه مقابل 9.8 مليارات جنيه عن العام المالى الماضي.
وتخدم تلك الميزانية ما لا يقل عن مليوني مواطن سنويا، إذ قالت إحصائية لجهاز التعبئة والإحصاء صادرة في أبريل 2018: “أن اجمالي عدد المرضى الذين حصلوا على العلاج على نفقة الدولة بالخارج والداخل 2.3 مليون مريض، بتكلفة 5.1 مليارات جنيه في العام 2016، مقابل 1.8 مليون مريض بتكلفة 4.5 مليارات جنيه في 2015، بزيادة بلغت نسبتها 25.2%، وزيادة في تكاليف العلاج نسبتها 11.8%”.
فيما بلغت تكلفة العلاج على نفقة الدولة خلال العام المالي الماضي خمسة مليارات جنيه، وقالت وزارة الصحة والسكان: “إنها أصدرت في الفترة من 28 يوليو إلى 30 أغسطس 2018 ما يقارب من الـ 245 ألفا و348 قرارا للعلاج على نفقة الدولة، في محافظات الجمهورية المختلفة، بتكلفة بلغت 645 مليونا و221 ألف جنيه”.
أزمة سابقة
وأثارت الميزانية الضخمة وما يتردد عن عدم وصولها لمستحقيها، أزمات في أوقات متفرقة، كان آخرها الأزمة بين وزارة الصحة والبرلمان في 2016، إثر محاولة البرلمان إلغاء قرارات العلاج على نفقة الدولة في انتظار إقرار قانون التأمين الصحي الجديد.
وقابلت وزارة الصحة تلك المحاولة بهجوم على البرلمان، ما صعّد الأزمة، وانتهت لبقاء وضع العلاج كما هو، إذ قال الدكتور تامر حامد، رئيس المجالس الطبية المتخصصة المسئولة عن برامج العلاج على نفقة الدولة بوزارة الصحة آنذاك: “إن 48% من المصريين غير مؤمّن عليهم بالتأمين الصحي، وتنطبق عليهم حالات الحق في الحصول على قرارات العلاج على نفقة الدولة”.
وأضاف أن العلاج على نفقة الدولة أحد الأنظمة الموجودة لحين وجود تأمين صحي شامل لعلاج كل المواطنين على نفقة الدولة.
مساهمات وخصخصة
في المقابل شنّت النقابات هجوما حادا على قانون التأمين الصحي، إذ قالت نقابة الأطباء: “إن القانون فرض مساهمات على المريض عند إجراء تحاليل وأشعة، وتساءلت النقابة عن كيفية التصرف حال عجز المريض عن دفع هذه المساهمة المطلوبة.
وأشارت نقابة الأطباء إلى اعتماد القانون التعاقد مع المستشفيات الحائزة على الاعتماد والجودة في تقديم الخدمة، متسائلة عن مصير المستشفيات التي تخرج من المنظومة، وهل سيتم خصخصتها؟
ولفتت النقابة إلى أن القانون لم يقدم تعريفا محددا لغير القادرين بمشروع القانون، ووصفته بالتعريف المرسل، مطالبة بأن يكون غير القادر من يقل صافي دخله عن الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي.
أضف تعليق