الوصمة المجتمعية تحرم مرضى الإيدز من حقوقهم

مرضى الإيدز في مصر
يعاني مرضى الإيدز في مصر من خوف واحتقار المجتمع لهم إضافة إلى غياب حقوقهم - أرشيف

في الوقت الذي استنكر فيه كثيرون ما ذكره طبيب مستشفى المنيرة حول قيام أحد المرضى المصابين بالإيدز بنشر الذعر والتلوث في المستشفى، إلا أن للقصة جوانب أخرى، ليس لهذا المريض وحده، وإنما للآلاف من مرضى الإيدز في مصر.

وتعود حادثة المنيرة لقيام الدكتور ثروت أبو زيد، الطبيب بالمستشفى، بكتابة منشور على الفيس بوك،  بداية الأسبوع الحالي كشف فيه  قيام مريض بمرض “الإيدز” الدخول للمستشفى بداية الأسبوع الماضي، لإجراء جراحة، رغم عدم جاهزية المستشفى لاستقبال حالات معدية، وقيام المريض ببث الذعر، واستغلال إصابته بنزيف شديد لنشر الدماء في المشفى.

وذكر الدكتور أبو زيد أن المريض توجّه قبل الحادث بيومين لمستشفى الحميات، وقامت الحميات بتحويله لمعهد ناصر، ورفض معهد ناصر استقباله فعاد للوزارة، وهو في حالة نزف شديد، فقام أحد الإداريين بوزارة الصحة بتحويله لمستشفي المنيرة، رغم عدم وجود أي تجهيزات لاستقبال المرضى المصابين بالإيدز.

ويعاني مرضى الإيدز في مصر من خوف واحتقار المجتمع لهم، بالإضافة إلى غياب الحقوق، وقلة الخدمات، وذلك على الرغم من تنامي أعداد المرضى،  حيث ضعت منظمة الأمم المتحدة مصر في المرتبة الرابعة من حيث انتشار المرض في الشرق الأوسط.

أرقام وإحصائيات

وجاءت مصر في المرتبة الرابعة في الشرق الأوسط من حيث انتشار المرض وفقًا لتقرير نشرته الأمم المتحدة  ، حيث وضعت   مصر في مرتبة متقدمة بين الدول التي تعاني من انتشار فيروس نقص المناعة “إتش.آى.في” المسبب للإيدز، حيث قال التقرير الصادر في 2016 نسبة الزيادة بلغت 40 %سنويا، وأكدت أن 27% فقط من المصابين يعلمون بإصابتهم ويتلقون العلاج.

وأعربت منظمة الأمم المتحدة في تقريرها، عن قلقها لزيادة نسبة المرض في مصر، مشيرة إلى ازدياد الوفيات المرتبطة بالإيدز بأكثر من الضعف بين عامي 2000 و2010 في مصر، وارتفاع نسبة الأطفال المصابين بالفيروس إلى 38%، عام 2016، مقابل 25 % عام 2010.

وحائت  مصر في المرتبة الرابعة بالشرق الأوسط بعد إيران والسودان والصومال، من حيث زيادة معدلات الانتشار.

فيما تشير الاحصائيات المصرية لأرقام أقل من ذلك حيث،  قال خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية: “إن معدل انتشار مرض الإيدز منخفض مقارنة بدول العالم” مشيرا إلى أن عدد المصابين التراكمي من عام 1986 حتى نوفمبر 2017 يبلغ 10 آلاف و550 مصابا، بنسبة 0.01% من المصابين بالفيروس عالميا، طبقا لبيانات منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة.

وأضاف في تصريح صحفي: أن عدد المتعايشين مع المرض في مصر ثمانية آلاف و564 مصابا، طبقا لإحصائيات 2017، بينهم 82% من الرجال، و18% من السيدات، مشيرا إلى أن 75% من المصابين بين 15 و50 عاما.

معاناة المرضى

وفي السياق ذاته، تحدث تقرير الأمم المتحدة المشار إليه ، عن أزمات مريض الإيدز في مصر، إذ قال: “إن الوصمة الاجتماعية ونقص التمويل لمعالجة المرض، يعيق الجهود المبذولة للمكافحة” مشيرا إلى أن الفئة الأكبر من المصابين بالفيروس هي فئة الشباب.

ونقلت جريدة الواشنطن بوست عن مسئولين في منظمة الأمم المتحدة، أن من الأزمات التي تواجه المرضى في مصر تعذّر الحصول على الرعاية الصحية، وخاصة التدخل الجراحي حال الحاجة إليه، مرجعة ذلك إلى الوصمة المرتبطة بالمرض.

شهادات المرضى

واتفقت  شهادات بعض مرضى الإيدز مع ما جاء في تقرير الأمم المتحدة حيث نقلوا جانبا من معاناتهم، أبرزها أنه لا توجد سوى أربع مستشفيات فقط على مستوى الجمهورية مهيأة لاستقبالهم في قسم المناعة الخاصة، وهذه المستشفيات هي العباسية، وإمبابة، والإسكندرية، وطنطا.

وأضاف المرضى، والذين يحرصون على إخفاء شخصياتهم: أن أقسام المناعة الخاصة غير آدمية، رغم أن إنشاءها جرى من مبالغ المنحة المقدمة من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.

وتابعوا في تصريحات صحفية :  أنه جرى تحويل هذه الأقسام إلى أقسام أخرى في بعض المستشفيات، ففي مستشفى حميات العباسية جرى تخصيص القسم المجهز لها بنقود المنحة كاستراحة للتمريض، ونُقل المرضى إلى قسم مهمل بجوار مشرحة المستشفى، ومستشفى حميات طنطا قُسِّم المرضى على سطح المستشفى، وسقفه من الخشب .

أما عن المعاملة في قسم المناعة، رغم التدريبات التي حصل عليها التمريض، فإن ما يحدث في مستشفى الحميات – وفقا لشهادات المرضى – عكس المهنية والتدريب، لأن من يقوم بمتابعة المرضى، وإعطائهم العلاج، وأخذ عينات التحاليل، هو مريض إيدز مثلهم، ولا يتعامل الفريق الطبي مع المرضى، فعلى سبيل المثال بمستشفى حميات إسكندرية، مَن يقوم على متابعة المرضى مريض إيدز مُدمن.

وأكدوا أن من أبرز الأزمات رفض استقبال المرضى في المستشفيات العامة، حتى في حالات الطوارئ، مثل: الحوادث، والولادة، ويُحوّلوا إلى مستشفيات الحميات، التي تستدعي طبيبا أخصائيا في التخصص المطلوب من المستشفيات العامة، هذا الإجراء الذي يستغرق أياما معه تكون الحالة ساءت إن لم تكن توفيت.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *