حوادث القطارات.. أرواح المصريين تحت رحمة إشارة

حوادث القطارات
خطأ التحويلة هو المتهم الأول في أغلب حوادث القطارات فما الحل

كشف التقرير الفني عن حادث قطار المنيا – الذي أدى لخروج عجلات جرار عربة قطار 80 العادي “المميز”، وتوقف حركة قطارات الصعيد لأكثر من ثماني ساعات – أن السبب الرئيسي في الأزمة هو خطأ فني في التحويلة، وهو المتهم المتكرر في أغلب حوادث القطارات بمصر خلال العام الحالي، بل والأعوام الماضية.

ويفتح هذا التقرير التساؤل بشأن سبب استمرار هذا الخطأ، الذي يمكن اعتباره السبب في ضياع الكثير من الأرواح خلال أعوام، ولماذا تغيب التكنولوجيا عن خطط تطوير القطارات التي كلّفت الدولة مليارات الدولارات حتى الآن، وهل تحمل خطط التطوير الجاري تنفيذها حل لتلك الأزمة؟

حادث قطار المنيا

وتعود الحادثة ليوم أمس الثلاثاء، إذ خرج جرار قطار 80 العادي “المميز” المتجه للصعيد عن القضبان بمركز الفشن ببني سويف، أثناء عمل مناورة بمنطقة تجديدات السكة بين المنيا وبني سويف، ما تسبّب في تعطل حركة قطارات الصعيد لمدة تزيد عن ثماني ساعات، ولم يسبب الحادث أي إصابات بشرية.

ورفع ونش السكة الحديد جرار القطار، وإعادته للقضبان وسط متابعة وتواجد كل من قوات الأمن، وصدر التقرير الفني الخاص بخروج القطار عن القضبان اليوم الأربعاء، مؤكدا أن الحادث ناتج عن وجود عيوب فنية في الخطوط، وخطأ فني بالتحويلة أدى إليه.

خطأ التحويلة

تكررت حوادث القطارات كثيرا في مصر، وشهد العام الحالي ما لا يقل عن أربعة حوادث، تدخلت العناية الإلهية فيها، فأنقذت آلاف الأرواح، واللافت أن العامل الأبرز فيها هو “خطأ التحويلة” سواء بسبب بشري أو إلكتروني.

ويعد حادث قطار الصعيد عام 2002 الذي راح ضحيته 373 شخصا من أبرز الحوادث التي اتُهم فيها عامل التحويلة، وفي إمبابة 2012 اصصدم قطارين نتيجة خطأ تحويلة، وفي العام نفسه اصطدم قطارين بالفيوم، وتوفي أربعة أشخاص على الأقل، وكان المتهم عامل التحويلة.

وأدى انقلاب قطار العياط عام 2016 لمقتل خمسة أشخاص، وقالت التحقيقات: “إن خطأ بالتحويلة هو السبب”.

وتكررت الحوادث في 2017، إذ اصطدم قطارين في منطقة خورشيد بالإسكندرية، وتوفي ما لا يقل عن 50 شخصا، وأصيب 100 آخرين، وانتهت التحقيقات في الحادث إلى أنه نتج عن خطأ في التحويلة، كما انقلب القطار الإسباني رقم 986 القادم من القاهرة والمتجه إلى قنا يوليو الماضي، ما تسبب في 61 إصابة دون وفيات، وأرجع وزير النقل، هشام عرفات سبب الحادث إلى خطأ في نظام الإشارات، أدى إلى فتح “التحويلة”.

رد عمال التحويلات

ويدافع عمال التحويلات عن أنفسهم في كل حادثة بأنهم “كبش فداء” لتدني الخدمة في السكة الحديد، على حد وصفهم، مشيرين إلى أن التطور والتكنولوجيا لم يصل للهيئة بعد.

ونقل فتحي محمد، عامل تحويلة بلوك المرازيق، طريقة عمل عمال التحويلات وحالة التحويلات في الهيئة، معتبرا إياها هي السبب الأبرز في الحوادث، وليس التحويلات والعمال.

وقال: إن مهمتهم فتح الطريق أمام القطار، وتأمين مساره، من خلال تجهيز السكة، وإعداد التحويلات وفتح وغلق “السيمافورات” (الشارات الضوئية على السكك الحديدية) وإبلاغ زميله ملاحظ البلوك في المحطة التالية بالاستعداد من خلال دقيقتين متتاليتين على جهاز الإرسال الموجود بالكشك، ثم دقة واحدة، وهي الإشارة المتبعة، ليعلم الآخر أن القطار غادر محطته، وهو الآن في طريقه إلى المحطة الموالية.

وأشار فتحي إلى أن التطور التكنولوجي لم يصل بعد إلى عالم القطارات، متحدثا عن مهامه الخالية من أي آليات متطورة “معظم السيمافورات، ما زالت تعمل بالكيروسين وليس بالكهرباء، أما تغيير لون الإشارة، فيجرى من خلال جذب سلك يصل بين البلوك والسيمافور”.

ويضيف: أن عليه أيضا تحريك أذرع طويلة متصلة بغرفة في أسفل الكشك، ومن ثَمّ بقضبان السكة الحديدية، وهذا هو الفرق بين البلوكات التي تعمل يدويا والنظام الآلي (الكهربائي) الذي استبدل الأذرع الحديدية بمجموعة من المفاتيح، لكن حتى الآن يظل النظام اليدوي هو الغالب على معظم محطات السكة الحديدية في مصر.

وعود النقل

واعترفت وزارة النقل بسوء الأوضاع في السكة الحديد أكثر من مرة، إذ قال وزير النقل: “إن الوزارة أعدت خطة شاملة لتطوير السكة الحديد بتكلفة تصل إلى 56 مليار جنيه حتى عام 2022″.

وأضاف عرفات في تصريحات له: “أن الخطة تشمل تحديث كهربة إشارات خطوط السكة الحديد بتكلفة 12.4 مليار جنيه، وإجراء أعمال تجديدات وصيانة السكة الحديدية، ومن المستهدف التجديد الشامل لـ1200 كم سكة بتكلفة إجمالية 6 مليارات جنيه، كما سيتم تحديث وحدة التحكم المركزي ونظم الاتصالات”.

وتابع أن الوزارة تقوم بتطوير أسطول الوحدات المتحركة، والتعاقد على شراء 100 جرار جديد، وتأهيل 81 آخرين، والدفع الفني من صيانات وقطع غيار بـ575 مليون دولار، مؤكدا أن منظومة السكة الحديد ستشهد طفرة كبيرة في جميع الخدمات المقدمة للجمهور المسافر في منتصف مارس 2019.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *