نصر أكتوبر.. قصة عبور هزمت جيشا لا يقهر

نصر أكتوبر.. قصة عبور هزمت جيش لا يقهر
نصر أكتوبر.. قصة عبور هزمت جيش لا يقهر

تحل غدا السبت الذكرى الـ45 لنصر أكتوبر، الذي نتذكره كل مرة بأنه يوم استعدنا فيه كرامتنا بعد نكسات سابقة، وتحررت فيه أرض الوطن من الاحتلال الإسرائيلي، رغم الأساطير التي تنبأت باستحالة ذلك.

ويضاف إلى ارتباط ذكرى نصر أكتوبر بكرامتنا، ارتباطها بآخر بقايا الوحدة العربية، فكان النصر مصريا سوريا، وبتكاتف عربي من البحر إلى النهر، بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان في وقت واحد.

وكان العدو الإسرائيلي قد انتصر على جيوش العرب قبل نصر أكتوبر ومعركة الكرامة، بدعم من الدول الغربية، التي زودته بأحدث الأسلحة والمعدّات العسكرية، فكان لابد من خطة لإنهاء الاحتلال.

خطة التحرير

بدأت الخطة باتفاق مصري سوري، بمفاجأة إسرائيل بهجوم من كلا الجبهتين يوم 6 أكتوبر، الذي وافق عيد الغفران اليهودي حينها، لتعمل مصر على استعادة شبه جزيرة سيناء، فيما تعمل سوريا في الوقت نفسه على استعادة الجولان المحتلة.

وبدأت الحرب في صباح السبت السادس من أكتوبر 1973 بهجوم مفاجئ من الجيشين المصري والسوري على قوات العدو الإسرائيلي، وتمكنت القوات المصرية من مباغتة قوات جيش العدو، وتوغلت لمسافة تصل 20 كيلو مترا شرق قناة السويس، كما تمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان.

وكانت الخطوة الأولى للحرب عبارة عن ضربة جوية قامت بها 222 طائرة مقاتلة، استهدفت خط الكشف الراداري لجيش العدو الإسرائيلي في أم خشيب، وأم مرجم، ومطار المليز، ومطارات أخرى، ومحطات الرادار، وبطاريات الدفاع الجوي، وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية، والنقاط الحصينة في خط بارليف، ومصاف البترول، ومخازن الذخيرة.

وعقب بدء الضربة الجوية انضمت إليها 2000 قطعة مدفعية، وهاون، وصواريخ تكتيكية أرض، بقصف مركز لمدة 53 دقيقة، صانعة عملية تمهيد نيراني من أقوى عمليات التمهيد النيراني في التاريخ.

مرحلة العبور

عقب انتهاء المرحلة الأولى التي تركزت في الضربة الجوية، بدأ تدخّل العنصر البشري المباشر، من خلال عمليات العبور لمجموعات اقتناص الدبابات، لقناة السويس، بهدف تدمير الدبابات الإسرائيلية، وإفشال أي محاولة لتدخلها أمام عمليات عبور القوات الرئيسية.

بدأت موجات العبور الأولى من المشاة في القوارب في الساعة الثانية وعشرين دقيقة مع بداية القصفة الثانية، وعقب إتمام المدفعية القصفة الأولى لمدة 15 دقيقة.

تتابعت موجات العبور بفاصل 15 دقيقة لكل موجة، من الثانية وحتى الرابعة ونصف، إذ نجحت ثماني موجات من المشاة، وأصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقي للقناة خمسة رؤوس كباري.

اختراق خط برليف

في الوقت الذي تدفقت فيه موجات العبور، كان سلاح المهندسين يقوم بمهمة أخرى لا تقل أهمية عن العبور والقصف المدفعي، إذ كان يقوم بفتح ثغرات في الساتر الترابي لخط برليف.

واستطاع 80 ألف مقاتل مشاة، و80 دبابة ومدرعة، ومئات المدافع من إتمام عملية العبور منذ بدايتها وحتى حلول الظلام، واختُرِق خط برليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة.

النجاح المصري لم يقتصر على العبور، ولكن استطاعت القوات المصرية إيقاع خسائر كبيرة في القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت العدو الإسرائيلي من استخدام أنابيب النابالم، واستُرِدّت قناة السويس، وجزءا من سيناء في مصر، والقنيطرة في سوريا.

يضاف إلى النجاحات السابقة نجاح آخر، أن النصر الكبير استطاع إجبار إسرائيل على التخلي عن أهدافها في سوريا ومصر.

المرحلة الأخيرة

على الرغم من نصر أكتوبر، والصدمة التي مُني بها الجيش الإسرائيلي، إلا أنه استفاق في اللحظات الأخيرة، وتمكن من فتح ثغرة الدفرسوار، وعبَر إلى الضفة الغربية للقناة، وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني، ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسب إستراتيجية.

من جهتها، سارعت أمريكا إلى التدخل في الحرب، لإنقاذ حليفتها إسرائيل من انهيار جيشها، وكان تدخلها في اليوم الرابع للحرب، فشكلت جسرا جويا، لنقل الجنود والسلاح، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل.

اتفاقية السلام

انتهى وقت الصراع العسكري، وبدأت الدبلوماسية بتوسط هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي، بين الجانبين، وتوصلا إلى اتفاقية – هدنة – قامت مصر وإسرائيل بتغيرها بعد ذلك باتفاقية السلام الشاملة عام 1979، وما زالت سوريا وإسرائيل يستندان لنفس اتفاقية الهدنة.

وقّعت مصر وإسرائيل اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974، وهي أول إعلان رسمي بانتهاء الحرب، إذ وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة إلى سوريا وضفة قناة السويس الشرقية إلى مصر، مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة، وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة، لمراقبة تحقيق الاتفاقية.

وتواصلت المفاوضات وصولا إلى اتفاقية السلام 1987، وعودة الملاحة لقناة السويس 1975، وذلك عقب استعادة مصر السيادة الكاملة على قناة السويس، وجميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *