هل ينجو 60 ألف مريض كُلى من مصير كارثة ديرب نجم؟

هل ينجو 60 ألف مريض كُلى من مصير كارثة ديرب نجم؟
كارثة بوحدة الغسيل الكلوي بمحافظة الشرقية - أرشيف

“مصيدة لأرواح المصريين” هكذا يمكن وصف وحدات الغسيل الكلوي في مصر بعد تكرار حالات الوفاة لعدد من المرضى، وتحولها لبؤر لنقل الأمراض والعدوى، نتيجة الإهمال الشديد، وغياب التطوير.

وشهدت محافظة الشرقية أمس السبت، كارثة بوحدة الغسيل الكلوي في مستشفى ديرب نجم بعد وفاة ثلاثة أشخاص، وإصابة 11 آخرين بفقدان للوعي، منهم حالات خطرة، ولم يعرف حتى الآن السبب الرئيسي للوفاة، فهناك تضارب في الأنباء بين تعطّل الأجهزة أو تسمّمها طبقا لشاهدات الأهالي.

وفتحت والحكومة تحقيقا عاجلا لكشف ملابسات الأزمة، بعد أن أصدرت قرارا بغلق الوحدة، والتحفّظ على الأجهزة.

ارتفاع الأسعار

رغم أن الحالة المتدنّية التي تعاني منها وحدات الغسيل الكلوي، التي تعد ملاذ ما يقرب من 60 ألف مواطن مريض بالفشل الكلوي، 90% منهم دون الخمسين عاما، يطمح في الشعور بالراحة، إلا أن جلسات الغسيل أصبحت نارا تكوي أجسادهم بعد ارتفاع أسعار الجلسة في نحو 460 مركزا حكوميا، وبخاصة مع عدم قدرة الكثيرين على الانتظام بشكل دائم في تلقّي العلاج، لأن تكاليف الجلسة الواحدة يبلغ 400 جنيه لـثلاث جلسات أسبوعية، بمبلغ إجمالي يتخطّى الـ4800 شهريا.

تقول “هـ. ر” 54 عاما، إحدى المصابات بالفشل الكلوي: إنها بدأت معاناتها مع المرض منذ نحو ست سنوات، وتجري عملية الغسيل داخل أحد مراكز الجيزة، لأن معاملة هذه المراكز – بحسب قولها – أفضل بكثير من الحكومية، بعدما صدمها أحد المسؤولين بأن تنتظر دورها أو يموت أحد المرضى لتأخذ مكانه.

وفي المنيا، قال “ج. ر”، موظف بالمعاش: إنه بدأ يتردّد على أحد المستشفيات الحكومية، قبل ما يقرب من سنة، لعمل جلسات غسيل كلوي، وكان يعلم أنه مصاب بالتهاب كبدي فيروس “سي”، ولكن كان الفيروس كامنا، وبعد إجراء أول جلسة غسيل كلوي، بدأت حالته الصحية في التدهور، وحينما أجرى بعض التحاليل في أحد المراكز الطبية الخاصة، فوجئ بأن الفيروس أصبح نشطا، وأبلغه الأطباء أنه على الأرجح أصيب بالعدوى نتيجة استخدام أجهزة غسيل كلوي ملوّثة بالفيروس.

فلاتر الموت

حذّر أطباء من مخاطر الغسيل الكلوي في مصر، بسبب استخدام محلول “الأسيتيت” في جلسات الغسيل لمعالجة الفشل الكلوي، بالرغم من أن الدراسات أكّدت أن “الأسيتيت” مُنع استخدامه في العديد من بلدان العالم لأضراره، إذ يؤدّي إلى هبوط عضلة القلب، وهبوط في ضغط الدم، وتستخدمه مراكز غسيل الكلى، سواء الحكومية أو الخاصة لانخفاض تكلفته، دون وضع اعتبار لمدى خطورة ذلك.

وأضافوا: إن باقي مستلزمات الغسيل خاصة “المرشح” لا تصلح، وتستخدم الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسيل دون تعقيم، ما يعرّض حياة المريض للخطر.

تقارير صادرة عن الجمعية العلمية للكلى أكّدت أن نحو 46% فقط من المراكز هي التي تستخدم الفلاتر ذات الحجم المضبوط 834 مل، أما بقية المراكز فتستخدم فلاتر ذات أحجام غير مطابقة للمواصفات والمقاييس العلمية حجمها 3.1 مم أو 8.6 مم، ما يتسبب في نقل الدم الملوّث الذي يصيب بالأمراض الخطيرة، بداية من الالتهاب الكبدي الوبائي وصولا للإيدز، بالإضافة لقيام بعض المراكز باستخدام الفلاتر أكثر من مرة في جلسات الغسيل دون تعقيم، ما يعرض حياة المريض للخطر.

وأوضحت أنه أثناء عمليات الغسيل يحدث انسداد مواسير سحب المياه بماكينات الغسيل، ما يسبّب تعرّض المرضى أثناء الغسيل للصداع، والضغط، والشد العضلي، والهرش الشديد، وقلة الدم، وتعرّض الكثيرون للموت داخل قسم الغسيل الكلوي، بسبب الإهمال، والتسيب، وعدم توافر الإمكانيات اللازمة، والأدوية.

مشكلات صحية

من جانبه، قال الدكتور علي طه القرياتي، أستاذ ورئيس قسم الباطنة والكلى بمستشفى سوهاج الجامعي، ومدير المستشفى الأسبق، ووكيل كلية الطب الأسبق: “إن مريض الغسيل الكلوي قد يتعرّض لمشكلات صحية بعد عمليات الغسيل، منها قد يؤدي للوفاة”.

واستبعد القرياتي، في تصريحات لـه، أن تكون الوفاة بسبب التسمم، موضحا أنه لا علاقة للغسيل الكلوي بالتسمم الميكروبي أو البكتيري، لكن حال الإصابة بالتسمم فلا ترجع الأسباب للغسيل الكلوي إنما أسباب التسمم العادية، مشيرا إلى أنه قد تحدث أخطاء أثناء عملية الغسيل التي قد تؤدي للوفاة، أبرزها زيادة نسب البوتاسيوم في الدم، والبوتاسيوم واحد من الأملاح المعدنية التي تؤدي زيادتها للوفاة.

وقال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء: “إن هناك حالات اكتشفت للالتهابات الوبائية وفيروس “سي” والإيدز، ناتجة عن ملوثات تعرّض لها المرضى بعد عمليات الغسيل الكلوي”.

وأكد فؤاد أن هناك أكثر من 60 ألف مريض يقوم بالغسيل الكلوي، ويعانون الأمرين بسبب بُعد المسافات، والنقص الهائل في المحاليل والمرشحات والفلاتر، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض خطيرة منها فيروس “سي”.

وأوضح فؤاد أن المبرر في ارتفاع سعر جلسات الغسيل الكلوي، هو ارتفاع قيمة الدولار، خاصة أن جميع المستلزمات تأتي من الخارج، لذلك لجأت الحكومة إلى رفع قيمة الجلسة الواحدة إلى 400 جنيه.

اقرأ أيضا:

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *