هل توقف الطروحات الحكومية نزيف البورصة؟

البورصة المصرية
البورصة تخسر 14.8 مليار في أولى جلسات اليوم- أرشيف

في الوقت الذي تسعي فيه الحكومة إلى تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية عبر طرح عدد من شركات القطاع العام في سوق المال، بهدف إنعاش البورصة، وجذب مزيد من التدفقات الأجنبية، مُنيت البورصة اليوم الأحد، بخسائر فادحة وسط شحّ في السيولة.

وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 3.2% إلى 14816 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير الماضي، وفقدت السوق نحو 22 مليار جنيه من قيمتها السوقية في معاملات اليوم.

إضافة إلى تأثر نفسية المتعاملين في البورصة سلبا، حيث انخفضت أسهم القلعة، ومجموعة طلعت مصطفى، وجلوبال تليكوم، وبالم هيلز، وهيرميس بنسبة 8%، وبايونيرز بنسبة 7%.

أسباب الانخفاض

وأرجعت رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس، رضوى السويفي، أسباب الهبوط الحاد في جلسة الأحد، إلى ما يحدث في الأسواق الناشئة، وخروج الأجانب منها، مشيرة إلى أن جلسة اليوم هي الأسوأ من حيث خسائر السوق منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016.

وقالت السويفي، في تصريحات صحفية: “إنّ أخبار مصادرة أموال ومؤسسات رجال الأعمال من الإخوان المسلمين، ثم القبض على علاء وجمال مبارك، بجانب الدولار وقيمة الجنيه، كل تلك الأخبار أثرت بالسلب على نفسية المتعاملين”.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أمرت يوم السبت الماضي، بالقبض على علاء وجمال، نجلي الرئيس المخلوع حسني مبارك، وحبسهما على ذمة قضية تتعلّق بالتلاعب في البورصة، بجانب عدد آخر من رجال الأعمال، وفي الأسبوع الماضي صادرت الحكومة أموال وممتلكات عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرها النظام محظورة.

وقال رئيس قسم التحليل الفني من شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية، إبراهيم النمر: “هناك حالة من الذعر في السوق وسط شح بالسيولة، فالمؤشر الرئيسي كَسر مستويات الدعم الرئيسية، ويتجه نحو مستوى 14500 نقطة، ثم 14200 نقطة”.

وأضاف النمر، في تصريحات صحفية، أنّ أي محاولات للصعود دون وفرة في السيولة سيكون مصيرها الفشل، مشيرا إلى أنّ ما يحدث في السوق لن يكون بيئة جيدة للطروحات الحكومية المتوقعة الشهر المقبل.

المزايدة الجديدة

وكان قد أعلن رئيس البورصة، محمد فريد، أن سوق المال سيبدأ العمل بنظام المزايدة الجديدة الخميس المقبل، وذلك بعد إجراء تجارب ناجحة تأكّدت من جاهزية كافة الأنظمة المطلوبة، لتنفيذ نظام المزايدة الجديد لدى البورصة، وشركات السمسرة، وشركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزي.

وأوضح فريد أن تطوير نظام المزايدة سيعزز من تداولات وسيولة السوق، ويجنّب الأسهم التي تقل قيمتها السوقية عن مستوى 2 جنيه أو من أي عملة أخرى الإيقاف بسبب الحدود السعرية، ويتيح مرونة أكبر في التداول من حيث إتاحة مدى سعري أكبر للأوراق المالية منخفضة السعر.

واعتمدت الهيئة العامة للرقابة المالية ثلاثة تعديلات مقترحة، من قبل مجلس إدارة البورصة، لتعزيز التداول والسيولة، أهمها الموافقة على تعديل وحدة المزايدة، لتكون “واحد على الألف” من الجنيه أو العملة الأجنبية المقيدة بها الورقة المالية، وذلك بالنسبة للأوراق المالية التي تقل قيمتها السوقية عن جنيهان أو من أي عملة أخرى على أن توضع في قائمة خاصة، ويتم مراجعة القائمة أسبوعيا بحد أقصى في ضوء تغيرات الأسعار اليومية، بحسب بيان للبورصة اليوم الأحد.

واعتمدت الرقابة أيضا تعديل سعر الفتح اليومي لوثائق صندوق المؤشر ليكون صافي قيمة الوثيقة NAV، ليعكس سعر الفتح اليومي نصيب الوثيقة الواحدة من صافي قيم أصول الصندوق، وليس سعر إغلاق الوثيقة نهاية كل جلسة، كآلية لتنشيط التداول والسيولة على وثائق صندوق المؤشر، ومن ثَمَّ تعزيز كفاءة السوق وتنشيط التداول، وأن يتم العمل بقوائم الأنشطة المتخصصة اعتبارا من يوم العمل التالي للإعلان عن تلك القوائم، مع إعطاء مهلة شهرين عند استبعاد الورقة المالية من القوائم.

ويسري ذلك على انتقال الورقة المالية بين القوائم بما يتناسب مع نسبة الشراء بالهامش لكل قائمة، وهو ما يتيح مرونة أكبر في عملية التداول على الأوراق المالية المسموح بالتعامل عليها بنظام الأنشطة المتخصصة.

طروحات البورصة

وتسعى الحكومة لبدء برنامج الطروحات خلال أكتوبر المقبل، لجمع نحو 25 مليار جنيه من بيع حصص في أربع أو خمس شركات بالبورصة، في الوقت الذي يحذّر فيه خبراء من هذه الخطوة باعتبارها عودة لزمن الخصخصة.

وتعكف الحكومة على برنامج لبيع أسهم عشرات الشركات المملوكة لها على مدى السنوات الثلاث المقبلة في قطاعات مثل: البترول، والخدمات، والكيماويات، والشحن، والخدمات البحرية، والعقارات، للمساعدة في دعم المالية العامة للدولة.

وانتقد خبراء هذا الاتجاه، واعتبروه عودة لزمن الخصخصة في النصف الأول من عقد تسعينيات القرن الماضي، بالتزامن مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفّذه البلاد مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وقال الرئيس التنفيذي السابق لشركة يونيون كابيتال، هاني توفيق: “إن طرح الشركات الحكومية في البورصة نوع من أنواع الخصخصة، وعادة يحدث للشركات الرابحة، أما الشركات الخاسرة يتم بيعها لمستثمرين متخصصين”.

وأضاف: “كنت ممن تولوا الخصخصة أيام حسني مبارك، ارتكبنا خطأ، لأننا بعنا شركاتنا وبنوكنا وشركات الاتصالات، ولم نترك شيئا لأولادنا، هذا كان خطأ، ونحن نكرر هذا الخطأ حاليا”.

وتابع: “أنا ضد الطروحات الحالية، لأنها مثل شخص يبيع عفش بيته، هذه الأصول حق الأجيال المقبلة، ولا يحق لنا بيعها، نحن نبيع كل الشركات الجيدة الرابحة لسد عجز الموازنة، إذا في الأعوام المقبلة هنبيع إيه؟”.

ويرى توفيق أن ضخ إيرادات الطرح يجب أن يكون لتأهيل الشركات الخاسرة، “لكن أبيع علشان ناكل ونشرب، هذا ليس تصرف يراعي المستقبل” بحسب قوله.

من جهتها، تدافع الحكومة عن برنامج طروحاتها في البورصة، باعتباره يساهم في توسيع قاعدة الملكية، ويوفر تمويل إضافي للشركات، ويساهم في جذب مزيد من التدفقات الاستثمارية لداخل البلاد، وتعظيم أصول الدولة.

خطة صندوق النقد

ويعد برنامج الطروحات الحكومية واحدا من الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، المتّفق عليه مع صندوق النقد الدولي.

وقال جمال شحات: “لا يجب النظر إلى طرح أسهم شركات مصرية بالبورصة بمعزل عن اشتراطات أو توصيات صندوق النقد الدولي”.

وانتقد شحات اختيار الحكومة لشركات ناجحة ماليا وإداريا وأكثر ربحية، رغم أنه من الأجدى اختيار محفظة متنوعة تضم شركات خاسرة أو متعثرة، بعد إعادة تأهيلها.

ويرى أنه من الأفضل طرح الشركات على مرحلتين: الأولى لمستثمر إستراتيجي بحصص صغيرة تدخل فيها شركات كبيرة، لتوفير الخبرات والتكنولوجيا لرفع قيمتها عند الطرح.

وتابع شحات: “يتم الطرح في البورصة عبر المرحلة الثانية، بحصص تستهدف زيادة رؤوس أموال الشركات، وليست عملية بيع أسهم لسد عجز الموازنة”.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *