445 مليون جنيه “فكة” والأسواق “عطشانة”.. الأسباب والحلول

445 مليون جنيه "فكة" والأسواق "عطشانة"
مجلس الوزراء يؤكد أن العملات المعدنية الموجودة بالأسواق هي فئة 25 ‏قرشا و50 قرشا و100 قرش فقط - أرشيف

دخلت مشكلة نقص “الفكة” على خط أزمات العملة التي عانت منها مصر خلال الفترة الماضية، الأمر الذي دفع وزارة المالية إلى تطبيق فكرة ماكينات الصراف الآلي في محطات مترو الأنفاق، للقضاء على التكدّس والزحام أمام شبابيك التذاكر، وهو أيضا ما دفعها، بحسب مستشار وزير المالية، شريف حازم، إلى التفكير في دراسة وتعميم التجربة داخل جميع القُرى في المحافظات بالتنسيق مع مكاتب البريد كحل للأزمة.

معاناة مصر من أزمة الفكة المتكررة تثير تساؤلا بشأن الأسباب، هل هي راجعة لقلّة إصدارها؟ أم أن هناك أسبابا أخرى غير مطروقة؟ وكيف يؤثّر التوسع في الإصدار الذي أعلن عنه البنك المركزي على الاقتصاد المصري؟

حجم الفكة

في تقرير للبنك المركزي أعلن أن حجم التعاملات النقدية المعدنية وصلت إلى 445 مليون جنيه في الأسواق، بنهاية شهر مايو الماضي، مقارنة بـ437 مليون جنيه في شهر أبريل 2018، بزيادة قدرها نحو ثمانية ملايين جنيه.

وأكّد البنك أنه يتم ضخ ما لا يقل عن 250 ألف جنيه معدني في محطات المترو بشكل يومي، مشيرا إلى أن العملات المعدنية المتداولة في الأسواق، تشمل الجنيه، وفئات 25 و50 قرشا.

ورغم أن البنك المركزي يرى أن هذا الإنتاج من النقد المعدني مناسب، فإن هذا لا ينفي وجود أزمة في الشارع المصري، وهو ما دفع وزارة المالية للإعلان عن توفير ماكينات للفكة قرب محطات المترو ودراسة نشر الفكرة في قُرى مصر.

سوء توزيع

يرى المهندس عبدالرءوف المحمدي، رئيس مصلحة صك العملة التابعة لوزارة المالية، أن سبب الأزمة هو سوء توزيع الفكة في بعض المحافظات، وبخاصة المناطق النائية، وليس قلة إنتاج.

وقال المحمدي في تصريحات لبرنامج “إكسترا نيوز” أمس الجمعة: “إن مصلحة سكّ العملة تنفّذ ما يطلبه البنك المركزي ومصلحة الخزانة من إنتاج للعملات المعدنية” مشيرا إلى أنه يتم توفير 250 ألف جنيه فكة لهيئة مترو الأنفاق يوميا، منذ بدء تنفيذ قرار تحريك أسعار تذاكر مترو الأنفاق.

أما عن مسؤولية التوزيع، فأكّد أن البنك المركزي بالتنسيق مع مصلحة الخزانة هما المسؤولان عن توزيع العملات بالمحافظات.

تجار الفكة

وفي السياق ذاته، نشرت تقارير صحفية سابقة شكاوى من تجار وأصحاب محلات ومطاعم، يتّهمون ما أسموه “تجار الفكة” بالمساعدة على زيادة الأزمة، مؤكّدين أنهم يبيعونها مقابل أرباح، وأن أغلبهم يحصل عليها من خلال موظفين في البنوك مقابل نسبة من الربح.

حنان رمسيس، خبيرة الأوراق المالية، اتفقت مع شكاوى التجار، مؤكّدة أن أزمة الفكة يقف ورائها “تجارة الفهلوة” بحسب وصفها.

وقالت رمسيس، في تصريح صحفي: “إن السبب في تصاعد الأزمة رغم زيادة الطباعة، هو وجود سماسرة يسحبون الفكة من السوق، لتصبح العملات المعدنية الصغيرة تجارة، كاشفة عن سبب آخر، وهو جشع التجار الذين يحرّكون سلعا راكدة بحجة أزمة الفكة”.

وأوضحت أن هذا الأسلوب يكون له نتيجة في رفع أسعار سلع أخرى، قد تكون لها علاقة مباشرة بوسائل المواصلات، القائمة في حركة دفعها على الفكة، التي تكون منعدمة، ويلجأ المواطن في حركته هنا لعملات ورقية كبيرة، فيستنزف إمكانياته المادية.

أما محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، فطالب محافظ البنك المركزي بضرورة مواجهة أزمة نقص الفكة والعملات المعدنية فئة 25 و50 قرشا و100 قرش الورقية والمعدنية على اعتبار أن عدم وجودها يسبب زيادة أسعار المنتجات.

وقال في تصريحات صحفية: “إن الدولار الأمريكي ينتهي إلى وحدات لا تتجاوز السنت، بينما ألغت مصر القرش والمليم، وفاقمت الأزمة بالشروع في إلغاء وحدات الجنيه والكسور”.

العسقلاني أكّد أن هناك شكوى شعبية دائمة من ندرة العملات المعدنية، سواء من التجار والمستهلكين على حد سواء، الذي يؤدّي عدم وجودها بالتبعية لرفع الأسعار في ظل طلب كبير على تلك العملات ما ينقل المواطن إجباريا إلى التعامل مع عملة الخمسة جنيهات باعتبارها أقل فئة في عملة الجنيه، ويقل تدريجيا الطلب على الجنية المعدني أو الورقي، مشدّدا على ضرورة محاسبة الفئة المتسببة في الأزمة.

ولفت إلى أن معظم المشكلات والمشاجرات التي تحدث بين سائقي الميكروباص والركاب ناتجة عن عدم وجود الفكة، فئات الخمسين قرشا والربع جنيه، والجنيه المعدني أو الورقي.

وشدّد على أنّ تلك الأزمة المفتعلة يستفيد منها أصحاب مصانع للبان والحلوة والكبريت، على اعتبار أن معظم المحلات تعطي بديلا للعملات المعدنية الصغيرة بضائع رخيصة.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *