هل يحفظ قانون المحميات الطبيعية الجديد كنوز مصر؟

المحميات

حالة من الغموض تُحيط بملف استغلال المحميات الطبيعية، التي تعاني من الإهمال منذ 30 عاما، بعد قرار الحكومة طرحها للاستثمار بحق الانتفاع، وإجراء تعديلات على قانون المحميات الطبيعية، الذي سيناقشه البرلمان في دور الانعقاد المقبل، خصوصا أن عددا كبيرا من المحميات تعد الحدود الإستراتيجية بين مصر ودول أخرى، كما أن توجّهات الدولة في الفترة الحالية تتّجه إلى تحقيق الربح، وسدّ العجز الاقتصادي.

ويصل عدد هذه المحميات في مصر إلى 30 محمية، تبلغ مساحتها نحو 150 ألف كيلو متر مربع، أي 15% من مساحة مصر، وأبرزها: محمية جبل علبة، ورأس محمد، والغابة المتحجّرة، والبرلس، والجزر الشمالية، والحدائق الوطنية، وجزر نهر النيل، وجزيرة تنيس، والأحراش،  والبردويل، والسلوم، والصحراء البيضاء، والواحات البحرية، وسالوجا، وسانت كاترين، وسيوة، وطابا، وقارون، والريان، والعلاقي، ودجلة.

وتقع هذه المحميات بين الصحراء، والجبال، والبحر، وشمال وجنوب البلاد، وتتميّز بطابعها التراثي، والثقافي، والتنوع البيولوجي، والموارد الاقتصادية، وتتزين بالطيور، والغزلان، والثعالب، والشعاب المرجانية، والنباتات النادرة، والآثار الدينية، ومناطق الغطس، ويزورها، بحسب وزير البيئة السابق خالد فهمي، ثمانية ملايين شخص سنويًّا.

تشريع برلماني

وفي دور الانعقاد الرابع يناقش البرلمان الإطار التشريعي لطرح المحميات للاستثمار، عبر قانون إنشاء الهيئة الاقتصادية للمحميات، الذي يحوّل هذا القطاع إلى هيئة مستقلّة اقتصاديّا.

من جانبه قال إيهاب عبدالعظيم، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب: “إن قانون الحكومة بشأن المحميات الطبيعية يُعد أحد التشريعات المهمة التي انتهت منها اللجنة خلال دور الانعقاد الثالث، وجاهزة للمناقشة أمام مجلس النواب خلال الدور الرابع المزمع أن ينطلق في أول شهر أكتوبر المقبل”.

وأكّد عبدالعظيم في تصريح صحفي، أهمية مشروع القانون، لأنه يقوم على إدارة المحميات من خلال آليات مرنة بما يُحقّق متطلبات إدارتها وحمايتها بتوفير الموارد المالية اللازمة للاستدامة.

وأشار إلى أن تعدّد موارد هيئة المحميات التي ينشئها القانون الجديد تشمل ما يخصّص لها من اعتمادات مالية في الموازنة العامة للدولة، والهبات، والإعانات، والوصايا، والمنح، والقروض التي تقرّر للهيئة، بالإضافة إلى ما يعادل 50% من رسوم الزيارة، مقابل إصدار التراخيص، ومنح التصريحات، والموافقات اللازمة للأنشطة، على أن يودع الباقي لمصلحة صندوق حماية البيئة.

وبحسب عبدالعظيم فإن الموارد تضمّنت أيضا عائد المشروعات الاقتصادية والتدريبية، وحصيلة استثمارات، وأنشطة الهيئة، ومقابل الأعمال أو الخدمات التي تؤدّيها للغير، وما يعادل 50% من حصيلة الغرامات التي يحكم بها، والتعويضات التي يُنفق أو يحكم بها عن الأضرار التي تصيب المحميات الطبيعية.

وأوضح أنه حفاظا على أمن المحميات، تضمّن القانون نصّا يفيد بأن يتولّى المحافظ الذي تقع في نطاق محافظته محمية طبيعية بالتنسيق مع الهيئة اتخاذ جميع الإجراءات والترتيبات اللازمة لحراسة منطقة المحمية الطبيعية.

دور حكومي

أقرّت الحكومة في يناير عام 2016 تأسيس شركة مساهمة من أجل الاستغلال الاقتصادي للمحميات، وقدّمت وزارة البيئة، في أبريل من العام نفسه، رؤيتها بشأن الشركات التي ستدير المحميات الطبيعية عبر المزايدة بحق الانتفاع، أو خضوع المحميات لوزارة الاستثمار، أو شركات القطاع الخاص.

وفي فبراير الماضي، وعبر الملتقى الاقتصادي العربي الأول للسياحة البيئية والمحميات بمصر، قدّمت القاهرة صورة أمام المستثمرين عن خطّتها بشأن المحميات، وأعلن أحمد العبيكان، رجل الأعمال السعودي، تأسيس شركة برأس مال مليار جنيه، لتطوير محميات مصر.

وقالت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة: “يجب العمل على تطوير البنية التحتية للمحميات الطبيعية، فهي عانت من الإهمال منذ نحو 30 عاما، حتى نطوّر السياحة البيئية”.

وتعقد وزارة البيئة مؤتمر التنوّع البيولوجي في شهر نوفمبر المقبل، بحضور سبعة آلاف مدعو من 198 دولة.

وانتهت وزارة البيئة بالفعل من قرار طرح محميتين طبيعيتين على القطاع الخاص لإدارتهما وتشغيلهما، وذلك حسب تصريحات وزيرة البيئة، مشيرة إلى أن المحمية الأولى هي وادي دجلة، والثانية لم يتم تحديدها، وإن حق الانتفاع للمستثمر سوف يتراوح من خمس إلى عشر سنوات، كما أنّ رسوم الانتفاع سوف تتحدّد وفق طبيعة المحمية، وحجم أعمال البنية التحتية التي تمدها وزارة البيئة إلى المحميات قبل أن تسلّمها للمستثمر.

مافيا نهب الثروات

يخشى بعض المختصين ضياع المحميات، نظرا لما تتعرّض له من حالة إهمال، سواء على المستوى العلمي أو الأمني، وحذّر حسام محرم، مستشار وزير البيئة الأسبق، من استنزاف كنوز وثروات هذه المحميات في مصر، قائلا: “إن نهب كنوز وثروات المحميات يشمل آثارا، وأحجارا كريمة، وذهبا، ومرجانا، وصدفا، وحفريات، وخامات أخرى، ويتم تهريبها بوسائل متنوّعة”.

وأكد محرم عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، تورط مافيا المحميات في عمليات ومحاولات قتل، جرت وتجري لعدد من المنتسبين للقطاع في مصر، مطالبا بضرورة عدم الاعتماد بشكل كبير على الدول الأجنبية في تمويل واستكشاف ملف المحميات، وذلك بعد إصدار حكم قضائي بحبس مهندس أجنبي معروف في أوساط المحميات، بتهمة سرقة ما يسمى البطيخ الصخري من جبل قطراني بمحمية وادي قاروون بالفيوم.

ودعى إلى تأجيل فكرة طرح المحميات لتدار بنظام حق الانتفاع، لإبعاد شبهة الاستغلال، وارتباطها بالسلبيات التاريخية للتجربة المصرية في مجال إدارة العلاقة مع رؤوس الأموال الأجنبية، متسائلا: “هل في حالة تطبيق الفكرة سنكون قادرين على حماية المصالح البيئية والاقتصادية الوطنية، في ظل أنظمة إدارية وقانونية ضعيفة؟ لذلك أُفضّل الانتظار حتى تصبح تلك الأنظمة قويّة في مواجهة الاستثمار الأجنبي”.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *