تأجيل انتخابات المحليات.. ما علاقته بالبنية التحتية؟

تأجيل انتخابات المحليات
تأجيل انتخابات المحليات.. ما علاقته بالبنية التحتية؟

في الوقت الذي يترقّب فيه المصريون انتخابات المحليات المؤجّلة منذ ما يقارب العشر سنوات، لوصول قانون الإدارة المحلية للبرلمان وانتظار إقراره، تصاعدت مخاوف عودة الانتخابات لنفق التأجيلات مرة أخرى، خاصة مع الإعلان عن تعيين قيادات للإدارات المحلية خلال اليومين الماضيين، والتأجيلات المستمرة لمناقشة قانون الإدارة المحلية.

ويتصاعد التساؤل حول نتيجة التأجيل، ومدى جدوى التعيينات دون الانتخاب، وتأثيره على الشارع في ظل واقع تدنّي مستوى الخدمات في مصر، وأن المحليات هي العصب التنفيذي للدولة، الذي يحتاج لرقابة واسعة لمواجهة الفساد المستشري.

عشر سنوات انتظار

يعد العام 2008 هو العام الأخير لانتخابات المحليات في مصر، حيث شُكّلت آخر مجالس محلية منتخبة في مصر، والتي سيطر عليها الحزب الوطني آنذاك بنسبة 90%، حصد 70% منها بالتزكية، فيما مثّلت نسبة الـ10% مستقلون وأحزاب سياسية، منها: الوفد، والتجمع، عبر تفاهمات مع الحزب الوطني.

وكان قد تم حل المجالس المحلية عقب الثورة بحكم قضائي، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن تعاني الجوانب الرقابية المسؤولة من الفراغ التام عن تنفيذ خطط التنمية، حيث تقسّم مصر وفقا للدستور لوحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، التي تتولى إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها.

وتكرّرت الوعود منذ عام 2016 من الحكومة والرئيس عبدالفتاح السيسي بإجرائها، حيث أكّد اللواء محمود شعراوي في منتصف أغسطس الماضي في تصريحات له أنّ السيسي شدّد على إجراء انتخابات المحليات في بداية عام 2019، مضيفا أنه سيتم الانتهاء من قانون المحليات من مجلس النواب عقب الإجازة البرلمانية.

وقال رئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال في تصريحات صحفية له: “إن انتخابات المحليات ستتم قبل نهاية 2018”.

وهو ما ترافق مع تأكيدات الجهات الرسمية والسياسية المختلفة عملهم على تدريب وتأهيل الشباب استعدادا للانتخابات.

حيث درّب المجلس القومي للمرأة كوادره استعدادا لانتخابات المحليات، وأعلنت الأحزاب: الوفد، والمصريين الأحرار، والمصري الديمقراطي، والنور، وقائمة دعم مصر استعدادها للانتخابات المحلية عبر دورات تثقيفية.

تعيين اللواءات

بالرغم من تلك الاستعدادات من تدريب وتأهيل وقوانين جديدة، جاءت تعيينات اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، التي تعدّ الأكبر خلال العام الحالي، لتفتح التساؤل حول جدية إجراء الانتخابات قريبا، حيث أصدر شعراوي قرارا بتعيين 111 قيادة بالإدارات المحلية المختلفة في المحافظات على مستوى الجمهورية.

وضمّت الحركة تعيين 75 قيادة محلية جديدة، وتحريك 36 قيادة محلية، و12 سكرتيرا عاما للمحافظة، و10 سكرتير عموم مساعدين، و 61 رئيس مركز ومدينة، و 25 رئيس حي.

لم يكن سبب القلق من العودة للتأجيلات ناتجا عن التعيينات وحدها، وإنما سبقها مناقشة تأجيل إقرار قانون الإدارة المحلية لدور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي الحالي، وتأثير ذلك على موعد الانتخابات.

حيث علّق النائب مصطفى بكري، حول ما تردّد بداية يوليو الماضي أن تأجيل المناقشة للدور التشريعي الأخير يعني أن إجراء الانتخابات سيكون في عام 2020 .

مضيفا: “وهذا أمر مرفوض، وغير متوقع بالمرة، في ظل الاهتمام بسرعة تكوين مجالس محلية بأقرب وقت، وأن تتوازى مع بداية الولاية الثانية للرئيس”.

وعلى الرغم من رفض تأجيل المناقشة، ووعود رئيس لجنة الإدارة المحلية، أحمد السجيني بأن القانون سيتم إقراره في يونيو 2018 ليصبح أمام الحكومة فرصة من ستة لثمانية شهور، لإصدار اللائحة التنفيذية على أن يتم إجراء انتخابات المحليات في النصف الأول من عام 2019، إلا أن المناقشة والإقرار لم يحدّثا حتى الآن.

التأجيل والبنية التحتية

انعكس النفق المظلم من التأجيلات المستمرة لعشر سنوات على البنية التحتية في الشارع المصري، حيث ربط أعضاء مجلس الشعب ومسؤولين بين غياب الرقابة وبين الإهمال الشديد في البنية التحتية.

وقالت النائب إيفلين متَى: “إنه يجب إقرار قانون الإدارة المحلية لإصلاح البنية التحتية، لما سيوفِّره القانون من رقابة”.

وأشارت إلى أن البنية التحتية تعاني من الإهمال، نتيجة ضعف الموارد، وغياب الرقابة، وهو ما يستلزم إقرار القانون.

وأكدت في بيان لها أصدرته نهاية الأسبوع الماضي، أنّ غياب المجالس الشعبية المحلية المنتخبة أدّى لانتشار الفساد والبناء المخالف الذي تسبّب بدوره في تهالك البنية التحتية، مضيفة أن إقرار القانون سيسهم مواجهة نقص الإمكانيات المادية اللازمة لدعم البنية التحتية وتطويرها، كما سيخفّف العبء عن الموازنة العامة للدولة.

وطالبت متّى من رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب بالضغط، للتأكد من أن مشروع قانون الإدارة المحلية على أولويات دور الانعقاد الرابع.

وفي السياق ذاته، يرى محمد عطية، وزير التنمية المحلية الأسبق، أن المجالس المحلية هي عصب الدولة، مؤكّدا أن الدولة تحارب الفساد، وهو ما ظهر من جانب هيئة الرقابة الإدارية.

وأكّد عطية أن المحليات تحتاج لجهاز رقابي إداري داخلي، حتى نبعد شبهة الفساد التي اتسمت بها المجالس المحلية سابقا، معتبرا أن إجراء الانتخابات سيكون له أثر إيجابي علي مكافحة الفساد المستشري بها، كون المجالس المحلية جهة رقابية.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *