التحرش في مصر.. الجميع يعرف ويصمت

التحرش في مصر.. لماذا السكوت
التحرش في مصر - أرشيف

أصبح التحرش أكثر ما يطارد المرأة المصرية، وخاصة التي اضطرّت على التعامل مع الرجال بشكل يومين، كالمرأة العاملة، والطالبة الجامعية.

وتفشّت هذه الظاهرة بالرغم من إقرار القانون الذي يجرّم ويردع فاعليها، ويحمي المرأة من هذا الاعتداء الذي لا يظهر لغيرها.

وكثير من النساء تتعامل مع هذه الظاهرة في صمت، خوفا من الفضيحة في مجتمع لا يرحم، ويشهّر بالمرأة دون أن يفصل ما إذا كانت متورّطة أو ضحية، ومَن لم تخف من الفضيحة فهي تفكّر وتُمعن التفكير قبل أن تطرق أبواب المحاكم.

ظاهرة عامة

ولم تقتصر هذه الظاهرة على بيئة دون أخرى، فكانت قد امتدّت لتشمل الأماكن العامة، وأماكن العمل والدراسة، دون نظر إلى السنّ، أو الثقافة، أو المظهر الخارجي.

وبالفعل، أعلنت هيئة الأمم في دراسة أعدّتها خلال العام الماضي أنّ 99% من النساء المصريات يتعرّضن للتحرش.

أرقام مفزعة

ذكرت التقارير التي اهتمت بهذه الظاهرة أرقاما مثيرة للفزع، فكشف تقرير للأمم المتحدة في عينة بحث أجرته في مصر أن 99.3% من النساء تعرّضن للتحرش، منهن68% عاملات.

وأظهرت دراسة أعدّها المركز المصري لحقوق المرأة تحت عنوان “التحرّش الجنسي في مجال عمل المرأة” أن بين مائة امرأة يوجد 68 تعرّضن للتحرش الجنسي داخل محيط العمل، سواء كان هذا التحرش لفظيّا أو بدنيّا.

وأضاف التقرير أن 68% من النساء العاملات يتعرّض 46% منهن إلى تحرّش لفظي، و22% منهن إلى تحرّش بدني.

كما رصد تقرير لسكرتارية المرأة العاملة في الاتحاد العام لعمّال مصر أن:

  • 30% من النساء العاملات في مصر يتعرّضنَ إلى تحرّش في أماكن العمل.
  • 70% منهن في القاهرة، 50% منهن يواجهن اضطهادا في العمل.
  • وأخيرا أكّد تقرير لمؤسسة المرأة الجديدة أن عينة من 58 امرأة عاملة معظمهن تعرضن للتحرش.

حملات لمواجهة التحرش

قال الدكتور عمرو حسن، أستاذ أمراض النساء بالقصر العيني، مؤسّس حملة “أنتي الأهم” والتي دشّنها تضامنا مع المرأة: إنه بحسب الإحصائيات فإن امرأة واحدة من كل ثلاث سيدات معّرضة للتحرش في عملها، نظرا لما تشعر به الفتاة أو السيدة من إذلال من مديرها أو زميلها، يجعلها تخشي الإفصاح عن فعل مديرها ضدها، خوفا من أن تفقد عملها، وهذا أيضا ينطبق على فتيات الجامعات وطالبات الماجستير والدكتوارة.

وقالت نجوي شمس، مسؤول حملة “أنتي أقوي” ضد التحرش: “إن انعدام الأخلاق، وانحطاط السلوك البشري، وغياب الوازع الديني، وغياب دور الأمن، هي أسباب انتشار الظاهرة، والسكوت عنها في نفس الوقت”.

النساء تواجه التحرش

وبالرغم من خوف بعض النساء إلا أن بعضهن اخترقن الصمت، وتغلّبن على الموروث المجتمعي، وجهرن بالشكوى، ولعلّ آخرهن الصحفية مي الشامي، عندما كشفت عن تعرّضها للتحرش من قِبل المدير التنفيذي، وقد تقدّمت بشكوى رسمية إلى إدارة المؤسسة، وحرّرت محضرا لدى الشرطة بالواقعة.

رد الأزهر

وأصدر الأزهر الشريف بيانا، حرّم فيه التحرش شرعا، واعتبر المتحرش مدانا ومجرما بشكل مطلق، ولا يجوز تبريره بسلوك أو ملابس الفتاة، وذلك لما فيه من اعتداء على خصوصية المرأة، وحريتها، وكرامتها، فضلا عمّا تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات.

وأضاف البيان: إنه تصرف محرّم، وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعا.

مواجهة الظاهرة

أجمع أغلب الباحثين والمهتمّين برصد ظاهرة التحرش على أنّ معالجة الأسباب التي أدت لتفشي الظاهرة هو أحد أهم الركائز للقضاء عليها، وذلك بتقوية الوازع الديني، والعودة إلى نشر الفضيلة ومكارم الأخلاق، وتقديم نماذج مشرّفة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ومحاولة تقليل نسبة البطالة بين الشباب، وتيسير سُبل الزواج.

بينما رأى آخرون أنها حلولا بعيدة المدى، وتحتاج أن تضعها الدولة ضمن خطّطتها، وتوظف أجهزتها المختلفة للعمل عليه، وذهبوا إلى ضرورة التصدّي بكل حزم للظاهرة، واللجوء للقانون.

وطالبوا أيضا بتمثيل المرأة في المجالس النيابية، وفي الوزارات الحكومية، والهيئات المختلفة، حتى تستطيع الضغط على الحكومة إلى تشريع قوانين أكثر حسما، تشدّد من عقوبة المتحرش، لأن تشديد القوانين وتوقيع العقوبات المغلظة سيوفر جانبا كبيرا من الأمن للمرأة، والحكمة تقول: “مَن أَمِن العقاب أساء الأدب”.

اقرأ أيضا:

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *