منظومة التأمين الصحي الشامل.. ما لها وما عليها

منظومة التأمين الصحي الشامل.. ما لها وما عليها
منظومة التأمين الصحي الشامل.. ما لها وما عليها

أعلن محمد فوزي، نائب رئيس هيئة المستشفيات التعليمية التابعة لوزارة الصحة أن الهيئة تقوم حاليا برفع كفاءة جميع المستشفيات، وسد عجز الأطباء والممرضين، استعدادا لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، لافتا إلى أن الأسعار في الأقسام الاقتصادية ستكون أقل بكثير مما يدفعه المريض في المستشفيات الخاصة.

الموعد والأهداف  

وكانت هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، قد أعلنت في 16 من سبتمبر الجاري أنه سيبدأ التشغيل التجريبي لمنظومة التأمين الصحي الشامل بمحافظة بورسعيد بنهاية شهر مايو أو بداية شهر يونيو من عام 2019 المقبل.   

وسبق واستعرضت زايد في 29 يوليو 2018، خلال المؤتمر الوطني السادس بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي المستهدف من تطوير منظومة التأمين الصحي، ويشمل:

  • تطبيق نظام دورة المريض المقرر تطبيقه بالوحدات الصحية وفق النظام الجديد.
  • تطبيق التحويل الطبي للمرضى بنظام مُميْكَن يربط العيادات بالمستشفيات.
  • إنهاء قوائم انتظار العمليات الجراحية في مستشفيات التأمين الصحي.
  • إطلاق موقع إلكتروني لقوائم انتظار المرضى بمستشفيات وزارة الصحة مطلع شهر يونيو القادم.
  • تشديد الرقابة على العاملين بمستشفيات التأمين، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفات التي يجري رصدها.
  • تطبيق الملف الطبي الإلكتروني الموحد، الذي يؤدّي إلى أن كل مواطن مصري سيكون له ملف طبي وطبيب مسؤول عنه.

وكانت الحكومة قد وافقت على مشروع قانون التأمين الصحي الشامل في 25 أكتوبر 2017 م، وأحالته لمجلس النواب الذي أقرّه بشكل نهائي في 18 ديسمبر 2017، وسط اعتراضات نيابية وحقوقية وتحفظات من نقابة الأطباء.

تحفظات الأطباء

فمن جانبها، أكّدت نقابة الأطباء تجاهل البرلمان لمجمل الملاحظات الجوهرية التي تقدّمت بها، خاصة فيما يتعلّق بتقنين ملكية المستشفيات، والتحذير من شراء عدد من الشركات متعدّدة الجنسيات لمستشفيات خاصة بشكل كبير، ففي حال سيطرتها على المنظومة الصحية، فإن ذلك سيشكّل خطرا كبيرا.

كما تحفّظت على رفع قيمة اشتراك المواطن، ومطالبة المريض بدفع ما يصل إلى 10% من قيمة التحاليل والأدوية عند حاجته للخدمة الطبية، على الرغم من دفعه اشتراكا شهريا من دخله لصالح التأمين الصحي.

كذلك تعرّض فئة الأطباء، بموجب القانون لعقوبات تصل إلى حد السجن، حال كتابة دواء خارج عن المعايير الموضوعة لذلك.

وفي هذا السياق، صرّح حسين خيري نقيب الأطباء بتفهمه أهمية مشروع القانون لكل مواطن مصري، ولكن هناك تحفّظات على عدم تطرّق المشروع لوضع المستشفيات الجامعية واستقلاليتها، فالمشروع لم يحدد وضعها، والمستشفيات الحكومية التي لا ترقى إلى مستوى الاعتماد والجودة ماذا سيحدث لها؟

وفيما يتعلّق بتسيير الخدمة بالنسبة للمستشفيات والخدمات الخاصة، تحفّظ خيري على عدم التمثيل الكافي لنقابة الأطباء وكل النقابات المهنية المعنية في مجالس الإدارة، إضافة إلى أمور تخص الأطباء، فهناك رسوم مفروضة عليهم في حالة ترخيص العيادات الخاصة ترى النقابة أنها مبالغ فيها بالمقارنة بأجور الأطباء الزهيدة.

تحفظات برلمانية

يرى أكمل قرطام، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، أن منظومة التأمين الصحي الجديدة كانت تحتاج لقانون أشمل من الذي أقره النواب، ليلبّي جميع احتياجات المواطنين.

فالقانون لم يشمل مصابي الحروق، وإمكانية علاجهم من خلال منظومة التأمين الصحي، رغم أن عدد مصابي الحروق في مصر كبير للغاية، كما ترك قرار تحديد غير القادرين المستحقين للتأمين الصحي بيد اللجنة المختصة، من غير وضع تعريف محدّد حتى الآن لغير القادرين.

وكذلك تضمّن لفظ الـ10% التي من المفترض أن يدفعها المواطن كمساهمة في قيمة العلاج دون حد أقصى، ما يمثّل عبئا إضافيا على المريض في حالة ارتفاع تكلفة الخدمة المطلوبة، مثلا إذا كانت قيمة العلاج 50 ألفا ففي هذه الحالة سيكون علي المريض دفع 5 آلاف، وهذا مبلغ كبير على الكثير من المواطنين.

مخاوف حقوقية

انتهى تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أعدّته وزارة الصحة، وجرت مناقشته بحضور نخبة من الخبراء والمعنيين بتطوير نظام الرعاية في مصر، إضافة إلى ممثّلي وزارة الصحة، والهيئة العامة للتأمين الصحي، والنقابات المعنية، ومنظمات المجتمع المدني ، إلى أن تطبيق نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل سيساعد في التغلب علي المشكلات التي يعاني منها قِطاع التأمين الصحي بشكل عام، إلا أنه وجه عدة انتقادات للقانون، أبرزها:

  • عدم تعريف المصطلحات الواردة بالقانون بشكل دقيق ومحدد.
  • عدم النص بوضوح على طبيعة الهيئة العامة للتأمين الصحي كهيئة خدمية غير ربحية.
  • عدم الفصل بين التمويل وتقديم الخدمة، وتبعية إدارات التمويل، والخدمة، والرقابة لمجلس الوزراء، الأمر الذي قد يعوق تطبيق فكرة فصل التمويل عن الخدمة عن الرقابة، وإمكانية تعديل قيمة الاشتراكات والمساهمات في حالة حدوث عجز في ميزانية التأمين الصحي، وإمكانية زيادة رسوم  إجراء التحاليل والآشعات.

وبالتالي يزيد ما يدفعه المواطن عن الاشتراكات التي تدفع حاليا بصورة تلقائية، وهي الدفع مقابل كل خدمة في العيادة الخارجية.

وانتقد المجلس عدم تحديد مفهوم غير القادرين وفقا للحد الأعلى لخط الفقر الذي يقوم بحسابه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مع إيضاح موقف الفلاحين، ووضعهم في هذا القانون.

وعدم إعداد دراسة اكتوارية توضّح التكاليف والإيرادات المتوقّعة، والفترة الزمنية المطلوبة للتغطية الشاملة لنظام التأمين الصحي لكافة المصريين.

توصيات

طالب المجلس بتشكيل جمعية عمومية للتأمين الصحي من ممثلي المنتفعين بالتأمين من كل فئات العاملين في مصر من خلال نقاباتهم وهيئاتهم التمثيلية، وتشكيل مجلس إدارة منتخب من الجمعية العمومية يضم خبراء الإدارة والتأمين الصحي والتمويل للسنوات الخمس القادمة، وأن يمثّل متلقو الخدمة من العمال والفلاحين والموظفين وأصحاب المعاشات في مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية، ويمثل المجتمع المدني واحد على الأقل.

وانتهى تقرير المجلس إلى ضرورة استمرار زيادة النسبة المخصّصة من الإنفاق الحكومي على الصحة بنسبة تتّفق مع المعدلات العالمية، وبحد أدنى للإنفاق الحكومي تعادل 3 % من الناتج القومي الإجمالي وفقا لدستور 2014، وأن يتم تطبيق نظم الجودة وفقا للمعايير الدولية بالمستشفيات والمرافق الطبية على مستوى محافظات الجمهورية، وأن يتم الإسراع في تنمية مهارات وتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين في القطاع الصحي، مع رعاية حقوقهم المادية والأدبية ووضع خطة لتطوير التعليم الطبي وفقا لمعايير الجودة العالمية.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *