بات انتشار الولادة القيصرية في مصر وارتفاع نسبتها أحد الملفات المهمة المطروحة على طاولة البرلمان، كما تشغل اهتمام القطاع الطبي في ظل التحذيرات المستمرة التي تطلقها منظمة الصحة العالمية من تلك الجراحات.
وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، احتلت مصر المركز الأول عالميا، بنسبة 63% في جراحات الولادة القيصرية، بعد أن كانت في المركز الثالث عالميا، في حين وضعت المنظمة قاعدة لنسب الولادة القيصرية بألا تتجاوز 15% في أي مجتمع.
وارتفاع نسبة الولادات القيصرية أثار تساؤلات كثيرة عن أسباب الظاهرة، وما إذا كان التوسع في إجرائها بهذا الشكل نتيجة لأسباب طبية معتبرة أم أنه يمثل أحد أوجه “البيزنس” التي تستوجب اتخاذ إجراءات للقضاء عليها.
انتشار الولادة القيصرية
وفي هذا السياق، تقدم فايز بركات، نائب أشمون وعضو لجنة التعليم بالبرلمان، بطلب إحاطة موجه إلى هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، بشأن انتشار “بيزنس” الولادة القيصرية.
وتتحمل الدولة تكاليف باهظة، إذ بلغت فاتورة الولادة القيصرية طبقا للمسح الصحي السكاني الأخير لعام 2019 نحو 14 مليارا و525 مليون جنيه سنويا، بالإضافة إلى أنها تشكّل خطورة على صحة الأم والجنين وفقا للنائب.
وطلب الإحاطة الذي تقدم به بركات لم يكن الأول من نوعه، ففي نوفمبر الماضي، أعلنت إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب، عن تقدمها بطلب إحاطة لعلي عبد العال، رئيس المجلس، موجها لرئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، ووزيرة الصحة، هالة زايد، بشأن وجود ضحايا لبيزنيس الولادة القيصرية.
وقالت النائبة إيناس عبد الحليم: “إن احتلال مصر المرتبة الأولى عالميا بنسبة 63% في عمليات الولادة القيصرية سببه رغبة المستشفيات والأطباء في تحصيل أموال أكثر”.
وقال أبو بكر النشار، أستاذ أمراض النساء والتوليد، رئيس الجمعية الإكلينيكية لأمراض النساء والتوليد: “إن معدل الولادة القيصرية في مصر تجاوز المعدلات العالمية بأربعة أضعاف المسموح به عالميا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية”.
وأوضح النشار، في تصريحات صحفية، أن صندوق التمويل التابع للأمم المتحدة أجرى دراسة حديثة، أظهرت ارتفاع معدل الولادات القيصرية في المستشفيات الخاصة إلى 66%، والمستشفيات الحكومية إلى 44%.
وفي هذا السياق، يرى طارق كامل، عضو مجلس نقابة الأطباء وأمين صندوق نقابة الأطباء، أن الولادة القيصرية أمر فني من اختصاص الطبيب، لأنه هو أدرى بالحالة التي أمامه إذا كانت تحتاج إلى ولادة قيصرية أم ولادة طبيعية.
وأوضح كامل، خلال تصريحات صحفية، أن ارتفاع عدد الولادة القيصرية في الفترة الأخيرة يرجع إلى عدة أسباب، أهمها أنها أسرع بمراحل من الولادة الطبيعية، إلى جانب أنها توفر وقتا طويلا على المريض والطبيب.
واعتبر أمين صندوق نقابة الأطباء الطبيب الذي يلجأ إلى الولادة القيصرية، بهدف تحقيق أكبر ربح مادي أو خلافه، خائنا لقَسم نقابة الأطباء في أن يكون أمينا مع المريض، لافتا إلى أن تكلفتها تتخطى خمسة أضعاف الولادة الطبيعية.
وأضاف: “أنه سيكون هناك تدخل من نقابة الأطباء حال ثبوت إجراء الطبيب عملية قيصرية دون داعٍ، مطالبا بتغليظ العقوبة على أي طبيب يثبت عليه أنه يقوم بإجراء عملية الولادة القيصرية بسبب الربح المادي”.
مخاطر وأسباب
وحذرت عبلة الألفي، رئيس الجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال، من خطورة تزايد معدلات عمليات الولادات القيصرية على صحة لأطفال، كونها قد تتسبب في الآتي:
- تؤثر على جهاز المناعة والنمو العقلي والجهاز الهضمي.
- تجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالسمنة والتقزم.
وفيما يتعلق بالمخاطر التي قد تتعرض لها بعض السيدات اللاتي يخضعن للعمليات، يشير أشرف محمد، اختصاصي النساء والتوليد، إلى مضاعفات مرتبطة بها، ومن بينها:
- نقل العدوى، وتلوث الجرح.
- عمليات النزيف، وفقد كميات كبيرة من الدم.
- حدوث تجلطات دموية في منطقة الحوض والقدمين.
- وقوع تشوهات في منطقة الرحم والمثانة.
وعن أسباب ارتفاع نسبة إجراء العمليات القيصرية، لفت بركات إلى أن أهمها:
- بحث ضعاف النفوس من الأطباء عن الربح المادي.
- ضعف الرقابة على المستشفيات والعيادات الخاصة.
- الولادات العشوائية دون فحوصات طبية ومتابعة مسبقة.
وأضاف رئيس الجمعية الإكلينيكية لأمراض النساء والتوليد إلى ما سبق أسبابا أخرى لارتفاع معدل الولادة القيصرية، أهمها:
- عدم تطبيق البروتوكولات الطبية.
- عدم وجود وسائل فعالة لتخفيف آلام الولادة.
- خوف الأطباء من المسائلة القانونية في حالة حدوث مضاعفات للجنين، نتيجة للولادة الطبيعية.
- طلب المريضة، وذلك يمثل 50% من الأسباب.
- التدريب غير الكافي لاستخدام الشفاط والجفت.
- تأخذ وقتا ومجهودا أقل من الولادة الطبيعية.
حلول مقترحة
وطالب بركات وزارة الصحة بإجراءات عملية لمواجهة جشع بعض الأطباء، وقصر العمليات على الضرورة الطبية فقط، منها:
- إصدار تعديل تشريعي يلزم جميع أطباء النساء والتوليد قبل إجراء عمليات الولادة القيصرية بتحرير تقرير طبي يوضح الأسباب التي تُجبر الطبيب على إجرائها.
- تشكيل لجنة عليا من داخل وزارة الصحة، تضم كوادر وأساتذة لوضع معايير وأسس محددة يتبعها الأطباء، ومن خلالها تُحدد كل حالة على حدة ما إذا كانت تلد قيصريا أو طبيعيا، ويُجرى توزيعها على المستشفيات والأطباء.
- وضع عقوبات للمخالفين، تتضمن إحالتهم للمسألة التأديبية والقانونية.
ويضيف أبو بكر النشار بعض الخطوات المهمة التي تقلل من الولادة القيصرية، أهمها:
- تطبيق البروتوكولات الطبية التي تعتمد على الطب القائم على الدليل.
- الإقلال من الولادة القيصرية الأولى للأم.
- إعداد الممرضات والقابلات على متابعة السيدات في المستشفيات.
- نشر الوعي لدى الأطباء والسيدات عن فوائد الولادة الطبيعية، وأضرار الولادة القيصرية.
- أن يكون القرار بناء علي أستاذ أو استشاري.
- ضرورة الرعاية أثناء الحمل، وتوضيح فوائد الولادة الطبيعية، وأضرار القيصرية.
- توفير مسكنات لآلام الولادة الطبيعية.
- أخذ رأي طبيب ثقة آخر حال طلب المريضة الولادة القيصرية مع عدم وجود سبب طبي.
- الانتهاء من قانون المسائلة الطبية، ووضع لائحته التنفيذية لحماية المريض والطبيب.
أضف تعليق