في تطور جديد لمحاولة حل الأزمة الليبية التي تشتعل بين الحين والآخر، منذ بداية أحداث الربيع العربي عام 2011 تجتمع دول فاعلة بالملف الليبي، من بينها مصر، اليوم، في برلين لترسيخ وقف إطلاق النار ومحاولة وإنهاء النزاع.
وتتصدر الأزمة الليبية تصريحات مؤسسة الرئاسة، التي تعكس في مجملها رؤية مصر بشأن ملف شديد الأهمية لها أكثر من غيرها، كونه متعلقا بالحدود والأمن القومي المصري.
وقال بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية: “إن الملف الليبي كان القاسم المشترك في جميع الاتصالات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة الماضية”.
الأزمة الليبية
وأضاف المتحدث الرئاسي، في تصريحات صحفية: “أن الرئيس السيسي يعتبر الأزمة الليبية مسألة أمن قومي بالنسبة لمصر، موضحا أن هناك 1200 كيلومتر حدودا برية مشتركة، بخلاف الحدود البحرية، ومصر تؤمّن تلك الحدود على مدار الساعة من جانب واحد.
وبحسب راضي، فإنه من المفترض في حالة أي حدود مشتركة بين دولتين يُجرى اقتسام مسئولية تأمينها، ولكن مصر تراقب الحدود مع ليبيا بمفردها بجهد مضاعف، من خلال قوات متعددة، على رأسها القوات الجوية التي تقوم بطلعات باهظة التكاليف، لإيقاف التسلل، وتدمير العربات، وفقا له.
وأشار إلى أن القوات المصرية دمرت الآلاف من عربات الدفع الرباعي المحملة بالمقاتلين والسلاح، وكل هذا يمثل عبئا كبيرا على مصر في ضبط الحدود، وهذا الجهد العسكري والمالي الكبير كان من الأَوْلَى أن يُوجّه لمصلحة جهود التنمية، بحسب تصريحاته.
وعرض راضي، في تصريحات صحفية، رؤية مصر لحل الأزمة الليبية، إذ ترى القيادة السياسية أن وقف إطلاق النار وحده غير كافٍ، ولا يمكن ضمان استدامته دون مسار سياسي شامل، يجمع الأطراف، ويتعامل مع كل جوانب الأزمة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو الأمنية.
وخلال حديثه، أشار راضي إلى مؤتمر برلين، الذي انطلق اليوم في العاصمة الألمانية برلين، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك بخصوص الأزمة الليبية، ورؤية مصر لحلها.
وقال: إن القيادة المصرية ستعرض رؤية مصر، التي ترى أنه من الضروري أن يشمل الحل النهائي بعض النقاط، وعلى رأسها:
- وقف تدفق المقاتلين الأجانب، الذين يُجرى جلبهم من الخارج، سواء من سوريا أو غيرها.
- حل الميليشيات الموجودة حاليا في ليبيا.
- التعامل مع الجيش الوطني الليبي، باعتباره القوة الشرعية النظامية المعترف بها كقوة أساسية منوط بها حفظ الأمن.
وأضاف راضي: “أن مصر لا تتعامل مع ميليشيات أو أية تنظيمات مسلحة، أي كان مسماها أو وضعها على الأرض، ولكنها تتعامل وتدعم الجيوش الوطنية النظامية المركزية فقط، والحكومات المنتخبة التي تُفعّل من قِبَل الشعب”.
وتابع: “أن الرؤية المصرية لحل الأزمة الليبية تتضمن مطالب بوقف التدخلات الخارجية، وكذلك تنضم للمطالبين، بإجراء بعض التعديلات على اتفاق الصخيرات، مثل: علاقة السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان بالمجلس الرئاسي”.
ووفقا لراضي، فإن مصر ترى ضرورة أن يشمل الحل النهائي مسألة توزيع الثروات بشكل عاجل، ويجب أن تكون هناك آلية منضبطة لضمان توزيعها بشكل عادل.
واختتم المتحدث الرئاسي، عرض الرؤية المصرية بتأكيده على أن مصر من أكثر الدول التي يمكن أن تتضرّر من الأوضاع في ليبيا، وتفاقم الأوضاع يشكّل خطورة على أوروبا، والمنطقة، والعالم بأسره، وليس ليبيا فقط.
اجتماع خماسي
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا عن الاجتماع الخماسي، الذي عُقِدَ بالقاهرة في التاسع من يناير الجاري، بشأن الأزمة الليبية، الذي حضره وزراء خارجية مصر وفرنسا وإيطاليا وقبرص واليونان، لمناقشة التطورات، وأبرز ما جاء فيه ما يلي:
- اتفق الوزراء على عقد اجتماعهم المقبل في مدينة كريت اليونانية.
- شدّد الوزراء على الطبيعة الإستراتيجية التي تجمع بين العلاقات بين دولهم.
- اتفق الوزراء على تركيز جهودهم من أجل مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه منطقة شرق المتوسط من صراعات مسلحة، الإرهاب، الهجرة غير الشرعية.
- انتقد الوزراء الاتفاق الموقّع في نوفمبر الماضي بين فايز السراج وتركيا.
- شدّد الوزراء على ضرورة احترام الحقوق الخاصة بالدخول في منطقة شرق المتوسط.
- رفض الوزراء أي قرار بإرسال قوات إلى ليبيا.
- وجه الوزراء الأولوية لتحقيق الحل السياسي كحل وحيد للأزمة الليبية.
- ثمّن الاجتماع جهود المبعوث الأُممي في ليبيا غسان سلامة، داعمين نجاح مؤتمر برلين.
- اتفق الوزراء على توطيد أواصر العلاقات بين دولهم الأربع.
- اتفق الوزراء على منح الأولوية للتعاون الإقليمي والتنمية الاقتصادية.
وبجانب القمة، عقد الرئيس السيسي أربعة اجتماعات، في 8 يناير الجاري، لمناقشة قضايا، جاء على رأسها أزمة ليبيا، مع كلّ من: وزير الخارجية الصيني، ووزير الخارجية الفرنسي، ومستشار ملك الأردن، إضافة إلى عقده اجتماعا مع مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ومحمد شاكر، وزير الكهرباء.
وأكد السيسي، حرص مصر على وحدة واستقرار ليبيا، وأهمية العمل على حلحلة الموقف الداخلي الليبي الراهن، وكذلك وضع حدّ لحجم التدخلات الدولية غير المشروعة فيها.
وجاء هذا التحرك من الخارجية والرئاسة المصرية غداة إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن جنودا من الجيش التركي بدأوا بالفعل التوجه إلى ليبيا بشكل تدريجي، بعد أن وافق البرلمان التركي على إرسال قوات لدعم الحكومة الليبية.
فيما أدانت مصر القرار، واعتبرته “انتهاكا لمقررات الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ”.
وكان الرئيس السيسي قد استقبل بقصر الاتحادية خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، الموجودة ببني غازي، في مايو الماضي، للاطلاع على مستجدات الأوضاع في ليبيا، بحضور عباس كامل، رئيس المخابرات العامة.
وهو ما يعد اللقاء الثاني بينهما منذ اندلاع الاشتباكات وتفاقم الأزمة الليبية في أبريل الماضي بين قوات حفتر وقوات المجلس الرئاسي الليبي.
أضف تعليق