رغم قطعية الأدلة.. لماذا يتجدد الجدل بشأن قضية الحجاب؟

جدل واسع بشأن قضية الحجاب في مصر
جدل بتجدد بشأن قضية الحجاب في مصر بين علماء الدين والمشاهير - مصر في يوم

ما بين الحين والآخر، تتصدر قضية الحجاب واجهة الجدل في مصر، رغم ثبوت فرضيته على المسلمات بالأدلة القطعية من القرآن والسنة.

وأخيرا، أثار تداول تصريح منسوب لشوقي علام، مفتي الديار المصرية -مفاده أن الإسلام لم يأمر بالحجاب- جدلا واسعا، ما دفع دار الإفتاء إلى إصدار بيان رسمي، تضمن نفي تلك التصريحات.

وقالت دار الإفتاء في بيانها: “إن الحجاب فرض بنص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة”، لافتة إلى أنه لا يوجد شكل محدد للحجاب، بل هناك شروط له، من أهمها أن يكون ساترا للمرأة عدا الوجه والكفين، وألا يصف ولا يشف جسم المرأة، مشددة على أن المفتي أكد أن الحجاب فرض.

قضية الحجاب

وأضافت الدار: “أن المفتي أكد أن الحجاب فرض بنص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وذلك خلال الندوة التثقيفية التي نظمتها جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تحت عنوان (دور المؤسسات الدينية في توعية الشباب بالمخاطر التي تواجهها مصر)”.

وأضافت: “الأعراف والبيئات تختلف في تحديد هذا الزي الساتر للمرأة بالشروط المرعية”، نافية ما يشاع بعدم فرضية الحجاب، معتبرة ذلك أمر غير صحيح جملة وتفصيلا، وهناك فرضية الحجاب بنص القرآن والسنة.

وكانت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا قد أصدرت بيانا، ذكرت فيه تصريح منسوب للمفتي، بأن الإسلام لم يأمر بالحجاب، وذلك خلال حديثه في الندوة التثقيفية التي نظمتها الجامعة، ووزعته على وسائل الإعلام.

صابرين وساويرس

وعادة ما يتجدد الجدل عن قضية الحجاب أعقاب حدث أو تصريح مرتبط، ففي منتصف الشهر الجاري، فاجأت الفنانة صابرين جمهورها بنشر صور شخصية على حسابها، عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، دون حجاب، الأمر الذي أثار تساؤلات متابعيها: “هل ترتدي باروكة أم أنها اتخذت قرارا بخلع الحجاب؟”.

وردت صابرين في تعليقها على خلع الحجاب بقولها: “أنا طول عمري غير محجبة، ومنذ اليوم الذي ارتديت فيه الباروكة، وأنا أؤكد أني غير محجبة، وكثيرا ما تحدثت عن ذلك، وأقول إني محتشمة ولست محجبة، ودائما أجلس بهذا الشكل من غير الحجاب في المناسبات الخاصة والعائلية وسط أهلي”.

وأضافت صابرين: “البعض بدأ التحدث عن الباروكة، وأُثير الكثير من الجدل حولها، لكن أنا نفسيتي أصبحت أسوأ، ودخلت في اكتئاب، لأني لا أريد أن يقلدني أحد في الخطأ”.

وقبل أيام من إعلان الفنانة صابرين خلع الحجاب، أثار تعليق لرجل الأعمال نجيب ساويرس غضب البعض، إذ قال في مقابلة صحفية مع مجلة “أرابيان بيزنس”: “المرأة جميلة، إذا كان الله لا يريد لهن أن يكنّ كذلك، لما خلقهن على هذا النحو”.

وتابع: “لو أراد الله لهن أن يكنّ محجبات، لخلقهن بحجاب، إن الله جميل يحب الجمال، مَن نحن حتى نجادل في هذا؟!” وفقا لقوله.

تصريحات ساويرس أثارت غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بعض متابعيه، وكتب لاعب كرة القدم أحمد حسن، نجم منتخب مصر السابق، عبر حسابه الشخصي على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: “أستاذ نجيب، أتمنى إنك تخليك في البيزنس والمهرجانات بتاعتك أفضل، محدش طلب منك فتوى، ما هو ربنا لو عايزنا نلبس هدوم كان خلقنا بهدوم”.

الجدل بشأن قضية الحجاب لم يقتصر على الفنانات وغير المسلمين فحسب، وإنما امتد لبعض الدعاة والمنسوبين إلى علماء المسلمين، إذ قال مظهر شاهين عضو المجلس الأعلى لشئون الإسلامية: “الناس أحرار، و الله عز وجل هو من سيحاسبهم”.

ووجه رسالة للمصريين، قائلا: “لا تختزلوا الإسلام في اللحية أو الحجاب أو النقاب، فالإسلام أعظم من ذلك، والله أعطى الإنسان مساحة من الحرية”.

دار الإفتاء

وبدوره، استنكر الشيخ أحمد ممدوح، أمين دار الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الجدل بشأن قضية الحجاب وفرضيته، ومحاولات البعض تبرير خلعه.

وقال ممدوح، في مقطع فيديو، بثته صفحة دار الإفتاء على “يوتيوب”، في 16 نوفمبر الجاري: “إن الحجاب فرض، صحيح كلمة الحجاب لم تأتِ بالمادة في القرآن الكريم بالدليل على الغطاء الذي يغطي موضع معين في جسم المرأة، بس المعنى وُجِدَ في القرآن الكريم، واجتمع علماء الأمة على كده، واتفاق علماء الأمة يرفع الشك والاحتمال، وينتقل الأمر من حيز الظنية إلى حيز اليقينية”.

وتابع أمين الفتوى: “الحجاب واجب، لم يقل عالم واحد إن الحجاب ليس فرضا، لم يقل إن الحجاب مش فرض غير أثمان هواة، يحاولون تشكيك البعض في الثوابت، والبنات للأسف بتتمسك بالكلام ده، وهذا مبرر زائف، لو عاوزة تقلعي الحجاب قولي أنا غلطانة أو أنا مش قادرة أو قدرتي النفسية مش هتخليني أقدر ألبسه، بس متقوليش مش فرض”.

وأضاف: “الحجاب ليس من أركان الإسلام، لأن أركان الإسلام خمسة يعلمها الجميع، كما أن خلع الحجاب ليس من الكبائر، بل من المعاصي، اللي هتلتزم به مشكورة، واللي مش هتلزم متقولش مبررات زائفة إنه مش فرض، لأنه فرض”.

رأي الأزهر

وبشأن قضية الحجاب وما يثار من جدل حولها، قال مركز الأزهر العالمي الفتوي الإلكترونية في 21 نوفمبر الجاري: “إنه قد انتشرت في الآونة الأخيرة بعضُ الأفكار والفتاوى التي تدّعي عدم فرضية الحجاب، ولا شك أن مثل هذه الأفكار إنّما هي ادعاءات لا تمت للإسلام بصلة”.

واستشهد الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ببعض من الآيات القرآنية قطعية الثبوت والدلالة، التي نصت على أن الحجاب فرض على كل النساء المسلمات، قول الله عز وجل: “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ…”[المؤمنون:31].

وقوله جل وعلا: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا”[الأحزاب: 59].

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *