تزويغ الموظفين من المصالح الحكومية.. ما أسباب الظاهرة؟

تزويغ الموظفين من المصالح الحكومية.. ما أسباب الظاهرة؟
معظم الموظفين يعملون بجانب وظيفتهم في أشغال إضافية لتحسين مستوى الدخل- مصر في يوم

“فوت علينا بكرة يا سيد” شعار ترفعه أغلب المصالح الحكومية في مصر، مع انتشار ظاهرة تزويغ الموظفين من أعمالهم، إذ تتوالى الأخبار يوميا عن إحالة عشرات الموظفين للتحقيق بسبب تغيبهم وخروجهم من العمل.

وتظل ظاهرة التزويغ عن العمل أو التغيب آفة تضرب مجتمع العمل في القطاع الحكومي، خاصة أن معظم الموظفين يعملون في أشغال إضافية بجانب وظيفتهم لتحسين الدخل والمستوى المعيشي في ظل صعوبات الحياة وأعباء المصاريف الأسرية.

تزويغ الموظفين

أحدث أخبار المتابعات الحكومية في محاولة السيطرة على تزويغ الموظفين، كانت في محافظة كفر الشيخ، الأحد، إذ أحال المحافظ 35 طبيبا وموظفا للتحقيق بسبب هروبهم وتقصيرهم في العمل.

وتابع إسماعيل عبد الحميد طه، محافظ كفر الشيخ، المرور على الوحدة المحلية، التابعة لمدينة برج البرلس، إذ تبين غياب 12 موظفا من أول اليوم والتشطيب عليهم، منهم “5” في خانة الانصراف، وذلك لعدم قيامهم بالتوقيع في الوقت المحدد، وذلك بناء على تقرير التفتيش المالي والإداري.

وكلف المحافظ الشئون القانونية بالديوان العام، باتخاذ الإجراءات القانونية والتحقيق في المخالفات الواردة بالتقرير، كما كلف رئيس مدينة برج البرلس بتفعيل جهاز البصمة بدلا من السجلات الورقية فورا.

كما أحال المحافظ 23 موظفا وطبيبا بالمركز الطبي بالحامول بكفر الشيخ للتحقيق، لتغيبهم عن العمل دون سند قانوني.

وفي نفس السياق، أحال ممدوح عباس، رئيس مركز ومدينة جهينة بمحافظة سوهاج، 80 موظفا في الوحدات الصحية بقرى مركز جهينة للشئون القانونية للتحقيق، وذلك بسبب تركهم العمل وعدم تواجدهم في مكان العمل.

وأوضح عباس أنه أثناء تكليف رؤساء القرى بالمرور على المصالح الحكومية التابعة لهم، جرى المرور على الوحدة الصحية بالحرافشة بقرية عنيبس وتبين وجود 15 موظفا غياب بدون عذر، و14 موظفا آخرين تركوا مقر العمل بدون إذن، وأثناء المرور على الوحدة الصحية بنزة الحاجر تبين غياب 11 موظفا وبالمرور على الوحدة الصحية بنزلة علي بقرية الطليحات تبين غياب 17 موظفا.

البصمة الإلكترونية

ولمحاولة التصدي لظاهرة تزويغ الموظفين تتخذ الحكومة العديد من الإجراءات، أبرزها تقليل أيام العمل في بعض المؤسسات، واستخدام البصمة الإلكترونية في العديد من المصالح.

ومؤخرًا جرى تعميم بصمة “الحضور والانصراف” على جميع المستشفيات الحكومية، ما تسبب في تطبيق خصومات على مرتبات الأطباء والعاملين نتيجة التأخير.

ورصدت دراسة حكومية وسائل تهرب بعض الموظفين في المؤسسات الحكومية من العمل وإهدار وقته بوسائل متعددة، إذ كشفت قيام 29% من الموظفين في 3 وزارات بالتسرب من العمل بعد التوقيع بالحضور مباشرة، وتحايل بعض الموظفين للتهرب من العمل المنوط بهم بوسائل متنوعة، من بينها التمارض، ومهام العمل الخارجية الوهمية، وتوقيع الموظفين بالحضور والانصراف لبعضهم البعض.

وأيضا قيام بعض الموظفين بالتهرب من أداء الواجبات الوظيفية بحجة الصلاة، وإهدار وقت طويل في ذلك دون مبرر.

كما كشفت دراسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن متوسط عمل الموظف المصري نصف ساعة من إجمالي 7 ساعات، ومع ذلك يحصل 95% من الموظفين على تقدير (امتياز) في تقاريرهم السرية، كما أن 37% من الموظفين يكرهون أماكن عملهم ويذهبون إليها مكرَهين.

تداعيات

ووفقا لمراقبين، فإن تزويغ الموظفين الحكوميين من عملهم، والتفنن في إهدار وقت العمل، والهروب من الواجبات الوظيفية، أصبح ظاهرة عامة بسبب ضعف الرقابة وتلاشي مبدأ الثواب والعقاب، وعجز رؤساء العمل عن توقيع عقوبات رادعة على الموظفين المتغيبين عن أعمالهم أو المهملين لواجباتهم الوظيفية، في ظل لوائح وقوانين عمل تغل يد المسئول عن توقيع عقاب رادع.

من جانبه قال محمد عبدالحليم عمر، أستاذ المحاسبة والاقتصاد الإسلامي: إن ظاهرة تسرب الموظفين من أعمالهم لها تداعيات اقتصادية خطيرة.

وأضاف: رغم عدم وجود دراسات دقيقة توضح حجم الخسائر الناجمة عن هذه الظاهرة، إلا أن هناك مؤشرات اقتصادية لحجم الخسائر الناجمة عن ذلك، إذ تهدر المليارات سنويا في الدول العربية بسبب قلة إنتاجية العامل أو الموظف العام، بنسب تتراوح ما بين 25 و75%، وهي خسائر كبيرة تؤثر على نسب النمو وتعوق خطط وبرامج التنمية في العديد من الدول العربية.

رواتب ضعيفة

بينما يأتي التفسير لظاهرة تزويغ الموظفين وخروجهم في أوقات العمل، على لسان الكثير من العاملين في المصالح الحكومية بأن رواتبهم ضعيفة لا تفي بمطالبهم المعيشية، وبحسب تصريحات للعديد منهم فهم يعملون بجانب وظيفتهم في أشغال إضافية لتحسين مستوى الدخل.

ويعطي المعلم بجانب وظيفته في المدرسة دروسا خصوصية أحيانا تتعارض مع وقت الدوام الرسمي، موضحين أن ما يدفعهم لذلك صعوبات المعيشة وغلاء الأسعار وعدم كفاية الرواتب التي يتحصلون عليها من الوظيفة.

فيما تتجه الدولة إلى تنفيذ خطة إصلاحية بالجهاز الإداري للدولة لتقليص عدد الموظفين إلى 40%، مليونَي موظف فقط، مقابل 5 ملايين موظف حاليا، خلال السنوات المقبلة، وذلك تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي.

وفي منتصف أكتوبر من العام الماضي قال رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أمام البرلمان: “لدينا مشكلة أساسية تتمثل بالتوظيف في الجهاز الإداري للدولة، فهناك 5 ملايين موظف في الحكومة، ونحن لا نحتاج أكثر من 40% من هذه الطاقة، وبالتالي لا سبيل للضغط على الحكومة من أجل فتح التعيينات”.

التصريحات السابقة هي التي أثارت القلق والتكهنات بشأن تسريح عدد من الموظفين، وسط تساؤل عن جدوى ذلك في إحداث إصلاح لأحوال الموظفين دون النظر لمعاناتهم ومشكلاتهم الحقيقية.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *