عزل أعمدة الإنارة.. كيف حارب المصريون “لمسة الموت”؟

عزل أعمدة الإنارة لحماية المواطينن من الصعق الكهربائي
عزل أعمدة الإنارة لحماية المواطينن من الصعق الكهربائي - مصر في يوم

أصبحت أعمدة الإنارة في الشوارع بمثابة شبح مرعب، بعد ارتفاع عدد الوفيات في الأيام القليلة الماضية، بسبب ملامستها أثناء أو بعد سقوط الأمطار، إلى حد أشبه بالظاهرة التي تستلزم وقفة للتعامل معها، كونها خطرا واضحا يهدد حياة المارة، وخصوصا الأطفال.

وتعاملت الجهات المَعنية مع تكرار حالات الوفاة، نتيجة الصعق بالكهرباء، بسبب ملامسة أعمدة الإنارة في الشوارع بتقديم النصائح والإرشادات، إذ وجّه كلٌّ من مجلس الوزراء وهيئة الأرصاد الجوية المواطنين بالابتعاد عن أعمدة الإنار، والأجسام، والأسوار الحديدية، وعدم ملامستها أثناء وبعد سقوط الأمطار، وتجنب السير في محيطها.

ومن جهته، أكد المحاسب محمد محمود السيسي، رئيس شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، أنه جرى تكليف رؤساء القطاعات بسرعة مراجعة مهمات الكهرباء والأكشاك، والتأكد من عزلها، حرصا على سلامة المواطنين، وخاصة مع سقوط الأمطار، وما شهدته المحافظات من حوادث صعق للكهرباء.

عزل أعمدة الإنارة

حوادث الصعق بسبب عدم تأمين أعمدة الإنارة، وما وصفه مواطنون بتأخر اتخاذ إجراءات حماية من المفترض أن تكون عاجلة، دفع البعض للتفكير والابتكار.

ففي قرية طحلة، التابعة لمدينة بنها، في محافظة القليوبية، أطلق أحد المواطنين فكرة جديدة لتجنب خطر الصعق بالكهرباء، الذي تسبّبه بعض أعمدة الإنارة، جراء سقوط الأمطار، وذلك عن طريق تغطية الأعمدة بمواسير من البلاستيك.

وقال المواطن أحمد الصعيدي، صاحب الفكرة: “إنه لاحظ تكرار حوادث الصعق بالكهرباء جراء ملامسة مياه الأمطار للأعمدة خلال فصل الشتاء، وفكّر في تجنب تلك الأزمة عن طريق عمل عازل على العمود، لتجنب خطر الصعق، وخاصة لدى الأطفال، متمنيا تعميم الفكرة على كل القرى والمدن.

وأشار إلى أنه بدأ الفكرة في شارع منزله، وشرحها ببساطة، مطالبا المواطنين بالتعاون معه لإنجاح الفكرة وتعميمها، مؤكدا أن العمود قد يحتاج إلى ماسورة بلاستيك قطرها ثماني بوصات، وآخر يحتاج 10 بوصات، وتكلفة المتر 75 جنيها، والعمود الواحد يتكلف 150 جنيها تقريبا، وهي تكلفة لا تساوي شيئا مقابل حياة الإنسان.

أما أهالي قرية ميت يزيد، التابعة لمدينة السنطة، في محافظة الغربية، فابتكروا وسيلة مختلفة، إذ لجأوا لتغطية أعمدة الإنارة بلفافات البلاستيك المضغوط، وذلك بعد أن شهدت المحافظة وفاة أربعة أشخاص، بينهم طفليْن، بسبب الماس الكهربائي من أعمدة إنارة.

وقال “محمد زين عوض” أحد الأهالي: “إن الفكرة تهدف لحماية الأهالي، وخصوصا الأطفال، من الصعق الكهربائي أثناء الأمطار بعد الحوادث المؤسفة التي تعرضت لها الغربية خلال موجة الأمطار الحالية، ووفاة طفلين بسبب الماس الكهربائي من أعمدة إنارة”.

وفي الحامول، قام الشباب بشراء “رولات” بلاستيكية، ولفها بشكل محكم حول العمود.

وفي الزقازيق، شكا أهالي إحدى القرى من تكرار تعرض الأطفال كل عام لحوادث الصعق بالكهرباء، علاوة على نفوق الحيوانات جراء ملامسة أعمدة الإنارة، ما دفعهم لابتكار فكرة بسيطة جدا، وهي لف الأعمدة بشرائط البلاستيك اللاصقة.

وأكد أحد الشباب أن الفكرة تتكلّف مبلغا بسيطا، قدره 120 جنيها، ويكفي لتغطية أعمدة الإنارة بالحي الذي يسكن به، حرصا على حياة المواطن، ودون الاعتماد على المسئولين.

وفي السياق، دشّن أهالي قرى كفر الدوار حملة لتغطية أعمدة الإنارة بالعازل البلاستيك، خوفا من وقوع حوادث صعق بالكهرباء أثناء هطول الأمطار، وعدم تكرار مأساة الشتاء الماضي، إذ صُعق عشرة أشخاص، بسبب أعمدة الإنارة.

وقال حمدي شعبان، نقيب الفلاحين، أحد منسقي الحملة بالبحيرة: “مع أول موجة للطقس السيئ سمعنا عن حدوث حالات وفيات بالقاهرة والمحافظات، وبما أن القرى أكثر إهمالا من المدن، فقد خشينا على أولادنا من تكرار الحوادث”.

وأضاف شعبان: “نحن نعلم جيدا أن المذكرات والشكاوى تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها، فقد اختصرنا الوقت والمجهود، ودشنا حملة لتغطية وعزل الأعمدة الكهربائية، تفاديا لأي كارثة قد تقع وتصيب أبناءنا بأذى”.

ونشر مغردون على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” صورا ومقاطع فيديو لهؤلاء الشباب أثناء العمل، للإشادة بهم، وبجهدهم المبذول في حماية الأرواح.

أعمدة الإنارة أعمدة الإنارة أعمدة الإنارة

تعليق الكهرباء

ومن جهتها أشادت إلهام درويش، رئيس قطاعات شبكات الجيزة التابعة لشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، بتجربة الشباب الذين يغطون أعمدة الإنارة، التي بدأت بشارع البحر الأعظم في الجيزة، بعد أن سقطت علبة التأمين الخاصة بالعمود، مما يمثل خطورة على حياة المواطنين، نتيجة وجود بعض الأسلاك العارية التابعة لعمود الإنارة.

وقالت في تصريحات صحفية: “إنه من المفترض أن تقوم المحليات وأجهزة المدن بصيانة ومتابعة أعمدة الإنارة، وهي غير تابعة للكهرباء، وإنما تابعة للمحليات”.

وأكدت أن قيام الشباب بلف بلاستيك على الأعمدة “إجراء سليم ومناسب” كون البلاستيك مادة عازلة، لا تمثل أي خطورة عند ملامسة المواطن لها عند وجودها على أعمدة الإنارة، قائلة: “الإجراء سليم، وتصرف جيد للغاية”.

وبحسب تصريح درويش، فإن صيانة أعمدة الإنارة والحفاظ على أرواح المواطنين، حائرة بين المحليات والكهرباء، ليكون الخاسر هو المواطن.

ومع بداية هطول الأمطار على المحافظات ودخول فصل الشتاء، شهدت بعض المحافظات حوادث، نتج عنها وفاة مواطنيْن صعقا بالكهرباء.

ووفقا لبيانات وزارة الكهرباء، فإن أكثر من خمسة ملايين عمود كهربائي، يُغطي محافظات الجمهورية، معظمها متهالكة، لا يوجد بها عوامل الأمان، لخروج لأسلاك مباشرة على السطح الخارجي، نظرا لسرقة الأبواب الحديدية للتابلوهات.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *