بعد نتيجة الثانوية العامة.. هل ينتهي المستقبل بضعف المجموع؟

بعد نتيجة الثانوية العامة.. هل ينتهي المستقبل بضعف المجموع؟
إعلان نتيجة الثانوية العامة.. كيف تنجح في حياتك رغم ضعف المجموع؟ - مصر في يوم

إعلان نتيجة الثانوية العامة حدث سنوي، يُعد بمثابة قضية رأي عام متجددة، فهي الشهادة الأهم على الإطلاق في مصر حتى الآن، والسنة الدراسية غير العادية التي يصفها الطلاب وأولياء الأمور بأوصاف، مثل: العصيبة والكبيسة، إذ يراها كلاهما فارقة في مستقبل الطلاب.

يبدأ الاستعداد لها ربما قبل عام من بدايتها، وتستمر رحلة معاناة مع الدروس والسعي لتحصيل المجموع الكبير لأكثر من عام، مرورا بالامتحانات وما يعانيه معظم الطلاب من هزات نفسية تصل إلى حد إصابة بعضهم بالأمراض النفسية والعضوية، وربما يتطور الأمر إلى انتحار بعضهم.

ثم تأتي مرحلة من الترقب والقلق قبل إعلان نتيجة الثانوية العامة، التي يبدأ بعدها معاناة أكبر للوصول إلى المحطة الأخيرة، اختيار الكلية.

نتيجة الثانوية العامة

فبينما يفرح قلة من الطلاب الفائقين والأوائل مقارنة بإجمالي عدد طلاب الثانوية العامة، يُصاب أغلب الطلاب وأسرهم بالحزن والقلق والخوف، إذ تضم شريحة “الخائفين” طلابا حصلوا على نتيجة الثانوية العامة بمجموع درجات بدءا من 50% إلى 95%.

ويدفع الخوف بعض الطلاب للانتحار، وهو ما يتكرر بالفعل كل عام، فبعد ساعات قليلة من إعلان نتيجة الثانوية العامة أقدم ثلاثة من طلاب الثانوية العامة على الانتحار، بسبب الرسوب أو ضعف المجموع بالنسبة لطموحاتهم.

أحدث تلك الوقائع كانت تخلّص طالب في الثانوية العامة من حياته اليوم، بعد ظهور النتيجة، بطلق ناري من طبنجة والده المرخصة، بناحية المؤانسة، التابعة لقرية سنجها بكفر صقر في الشرقية، فيما جرى إنقاذ طالب وطالبة في أسيوط.

مفاهيم خاطئة

وعن نتيجة الثانوية العامة وما يترتب عليها من أحداث، يرى علماء النفس وخبراء التعليم أن المشكلة تكمن في المفاهيم الخاطئة لدى مجتمعنا، ومنها أن الثانوية العامة هي السنة الدراسية التي تحدد مستقبل الطالب، وهي المرحلة الفاصلة، وينعكس ذلك على أذهان الأسر المصرية التي توليها اهتماما مبالغا فيه.

ولفتت بثينة عبد الرءوف، الخبير التربوي، إلى أن تلك العادات تتضح من خلال بعض الكلمات المترسخة في أذهان أولياء الأمور التي يرددونها بشكل دائم، وتدفع الطالب نحو نمط واحد للتفكير، وهو أن نتيجة الثانوية العامة والحصول على مجموع يؤهله لدخول إحدى الكليات التي يطلق عليها “كليات القمة” هي فقط بوابة نجاحه في المستقبل.

ويتفق معها جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية، ويضيف “أن الإعلام يتحمل جانبا من الضغوط التي يقع الطالب تحت طائلتها، ويطالب بتغيير تلك المفاهيم”.

بينما يرى كمال مغيث، الباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، أن التعامل الخاطئ بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة يعد امتدادا طبيعيا لعملية تعليمية غير منضبطة، وتدور في جو نفسي سيئ ومحبط، تترسخ فيه صورة ذهنية مخيفة عن الثانوية العامة.

ويوضح مغيث أن أبرز العناصر المحبطة التي تصيب الطالب بعد نتيجة الثانوية العامة تتمثل في:

  • كون التعليم بلا قيمة حقيقية في حد ذاته.
  • أصبح التعليم فقط سببا للوجاهة الاجتماعية.
  • فقدان وقطع حلقة الوصل بين التعليم وسوق العمل.

وينصح خبير المناهج، بإعادة النظر في نظام الثانوية العامة، كجزء من منظومة تعليمية كبيرة، تحتاج إلى الإصلاح.

الكليات وسوق العمل

سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، قالت: “إن حل المشكلة جذريا يتطلب توجيه الطالب بشكل مختلف منذ بداية مراحل تعليمه”.

وقدمت “خضر” بعض النصائح للطلاب للتعامل مع نتيجة الثانوية العامة أيا كانت، لتجنب الدخول في أزمات نفسية، وإحباط بعد إعلان النتيجة، منها:

  • عدم النظر في اتجاه واحد، وألا يضع عينه على كليات القمة فقط.
  • ألا يعتبر نفسه خاسرا، ويشعر بالقهر حال عدم اللحاق بها.
  • أن يوسع مداركه، ويتعلم من تجارب الآخرين.
  • أن ينتبه إلى أن هناك أمورا أخرى تحدد وترسم طريق المستقبل لا علاقة لها بالمجموع، بل ربما تفوقه في الأهمية، فالمجموع الضئيل في الثانوية العامة ليس نهاية الحياة.

وتشير أستاذة الاجتماع إلى أن أحمد زويل العالم المصري، الحاصل على جائزة نوبل في العلوم، لم يكن خريج إحدى كليات القمة “الطب والهندسة” وإنما كلية العلوم.

وتنصح الخبيرة الآباء بتجنب أسلوب اللوم والعتاب، واستخدام عبارات “ماذا لو”، واستخدام عبارات التفاؤل، وفتح آفاق جديدة للتفكير.

وبدوره يوجه أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع، رسالة إلى طلاب الثانوية العامة أن يختاروا الكلية التي يحبون دراسة موادها، وتتناسب مع قدراتهم الذهنية والعقلية وهواياتهم، وألا تنحصر طموحاتهم في مجرد الالتحاق بكليات القمة، بل يفكر في الكليات التي يحتاجها سوق العمل الآن.

ويستشهد أستاذ علوم الاجتماع بأن هناك طلاب يحصلون على مجموع كبير في الثانوية العامة، ورغم ذلك يختارون الالتحاق بكليات يحتاجها سوق العمل الآن.

وفي محاولة للتعامل مع الأثر النفسي السلبي الذي يسببه إعلان نتيجة الثانوية العامة للكثير من الطلاب، أطلقت مؤسسة القيادات المصرية للتنمية حملة إلكترونية بعنوان #مش_بالشهادات، عقب انتهاء امتحانات الثانوية العامة.

واستخدمت الحملة نشر فيديوهات تحت هاشتاج “مش بالشهادات” لمشاهير محبوبين وملهمين للشباب يتحدثون فيها عن كيفية تحقيقهم نجاحات كبيرة بالرغم من عدم تفوقهم الدراسي، بهدف:

  • تخفيف الضغط النفسي الواقع على الطلاب في تلك الفترة.
  • العمل على توجيه كل طالب لم يحالفه التوفيق للحصول على مجموع كبير نحو التفكير في بدائل.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *