القطن المصري بين التآكل والإهمال.. من ينقذ الذهب الأبيض؟

القطن المصري بين التآكل والإهمال.. من ينقذ الذهب الأبيض؟
الحكومة لم تفِ بتعهداتها بشراء القطن من الفلاحين بسعر الضمان الذي أعلنته- مصر في يوم

“الحكومات المتعاقبة قتلت القطن المصري عن عمد وبدون رحمة”.. بهذه الكلمات وصف نقيب الفلاحين، الحاج حسين عبد الرحمن أبو صدام حال الذهب الأبيض المصري الذي ظل لعقود طويلة متربعا على عرش زراعة القطن عالميا.

وأضاف نقيب الفلاحين، في تصريحات صحفية، الخميس، أن زراعة القطن تقلصت مما يزيد على 330 ألف فدان في عام 2018، إلى 220 ألف فدان عام 2019، بنقص حوالي 110 آلاف فدان، وذلك بفعلٍ متعمَّد.

وشدد أبو صدام أنه بالنظر إلى أن مصر كانت تزرع مليوني فدان في خمسينيات القرن الماضي، فإن ذلك يعد قتلا متعمدا مع سبق الإصرار والترصد، ويتطلب محاكمة عاجلة للمتسببين والمسئولين عن ذلك.

أسباب الانهيار

تبرز أول أسباب انهيار زراعة القطن في أزمة التوريد، حيث أوضح نقيب الفلاحين أن الحكومة لم تفِ بتعهداتها بشراء القطن من الفلاحين بسعر الضمان الذي أعلنته وهو 2700 جنيه لقنطار القطن، وجه بحري، و2500 جنيه لقنطار القطن لوجه قبلي، مخالفة بذلك المادة 29 من الدستور.

وتنص المادة المذكورة على التزام الحكومة بشراء المحاصيل الأساسية من الفلاحين بهامش ربح، واستغل السماسرة والتجار تخلي الحكومة عن القطن ليشتروه من الفلاحين بأبخس الأسعار، مما أدى لعزوف الفلاحين عن زراعته هذا العام.

يأتي نقيب الفلاحين ليوضح السبب الثاني لانهيار زراعة القطن، ففي الوقت الذي كانت مصر تتربع فيه على عرش إنتاج القطن الأبيض طويل التيلة وفائق الطول، صدر القانون 210 لسنة 1994 بتحرير سعر القطن، ما سبب خسائر كبيرة لشركات الغزل والنسيج وإغراقها في المديونيات.

ويؤكد أبو صدام أن انخفاض أسعار القطن المصري ليس صدفة، وإنما حدث بفعل فاعل، ونتيجة للمضاربة السعرية وتخلي الدولة عنه تدريجيًا، ما أدى لتصديره خاما بأبخس الأسعار، لنستورده بعد ذلك من الدول مصنعا بأسعار خيالية.

تقرير أمريكي

وفي ظل تداعيات زراعة القطن، صدر تقرير من وزارة الزراعة الأمريكية، في 25 من أبريل الماضي، توقع انخفاض معدلات إنتاج القطن المصري في الموسم المقبل 2019 – 2020، بنسبة تقترب من 31% مقارنة بالموسم الجاري.

وقال التقرير الأمريكي، على موقع الوزارة الإلكتروني: “إنه من المتوقع أن تنخفض الأراضي المزروعة بالقطن في مصر، من 352 ألف فدان في الموسم الجاري إلى 142 ألف فدان فقط الموسم المقبل”.

وأضاف التقرير أنه من المتوقع أن يهبط إنتاج القطن المصري من 489 ألف بالة في الموسم الجاري 2018 – 2019، إلى 337 ألف بالة في الموسم المقبل 2019 – 2020، بسبب تراجع أسعاره العام الماضي 2018.

انخفاض الصادرات

وتوقع التقرير الأمريكي أن تزيد واردات مصر من القطن في الموسم المقبل إلى ما يقرب من 510 آلاف بالة عن الموسم الجاري، أي بنسبة تصل إلى 2%، وأن تنخفض الصادرات بنسبة 24% عن الموسم الجاري لتصل إلى 220 ألف بالة.

يأتي التقرير الأمريكي قبل وقت قليل من بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يوم 26 مايو الماضي، والذي يوضح أن صادرات القطن ارتفعت بنسبة 52.6% خلال الربع الثاني من الموسم الزراعي 2018-2019، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وذكر تقرير جهاز الإحصاء أن توقف بعض مصانع الغزل عن الإنتاج أدى إلى انخفاض إجمالي كمية المستهلك من الأقطان المحلية بنسبة 22.4% خلال الفترة (ديسمبر 2018- فبراير 2019)، مقابل نفس الفترة من الموسم السابق.

وكشفت إحصائية لجهاز الإحصاء عن أن صادرات مصر من القطن في الربع الرابع من الموسم الزراعي يونيو – أغسطس 2017 وصلت إلى 86.2 ألف قنطار متري، مقابل 139,9 ألف قنطار متري خلال الفترة نفسها من العام السابق له، بنسبة انخفاض قدرها 38.4%.

الفائدة والتصدير

ومن الأسباب التي أدت إلى انخفاض صادرات القطن المصري ارتفاع الفائدة على تمويل شراء الأقطان، الأمر الذي دفع نبيل السنتريسي، رئيس اتحاد مصدّري الأقطان، للمطالبة في سبتمبر الماضي، بخفض الفائدة من 22% إلى 5%.

وأضاف السنتريسي في حوار له: “إن عدد الشركات العاملة في تجارة الأقطان بمصر تقدّر بـ300 شركة، بينهم 70 تعمل في نشاط التصدير”. مشيرا إلى اعتماد غالبيتها على التمويل المصرفي.

ولفت إلى أن حجم التمويل المصرفي المطلوب هذا العام لشركات الأقطان يتراوح بين 5 إلى 6 مليارات جنيه، محذّرا من أن استمرار التعامل المصري بسعر فائدة مرتفع يصل إلى 22% يكبّد التجار خسائر فادحة.

ولفت إلى أن محصول القطن له طبيعة خاصة، ويتم تسويقه على مدار الموسم، ويحتفظ به التاجر لنهاية الموسم، ما يعني تحمّله لأي انخفاض لسعره في نهاية الموسم كما حدث عام 2017.

حلول للأزمة

وفي السياق، يذكر نقيب الفلاحين بعض الحلول التي يراها مناسبة لعودة زراعة القطن المصري إلى مكانتها الرائدة، حيث يقترح أن تُلزم الدولة بدعم مزارعيه بشتى الطرق، كتوفير التقاوي والأسمدة والمبيدات والآلات الزراعية الحديثة لزراعته وجَنْيِهِ.

ويرى أبو صدام أنه على الدولة العودة بالاهتمام بصناعة الغزل والنسيج وتسويق القطن محليا وخارجيا، والاهتمام بالبحوث الزراعية الخاصة بالقطن، وفرض قيود وجمارك على استيراده، وتطبيق قانون الزراعات التعاقدية لضمان تسويق الأقطان.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *