استمرار سيناريو يختلف مسماه ما بين “التهجير” كما يسميه الأهالي، أو “استعادة أراضي الدولة” كما تسميه الحكومة، ولكن هذه المرة الأزمة ليست في الوراق، وليست في كوبري طما، وإنما انتقلت إلى المحافظة الساحلية الهادئة مرسى مطروح، والسبب اختلف فيه المسؤولين ما بين تطوير المنطقة أو إقامة مشروع سياحي، وتحديدا في رأس الحكمة.
إذ تريد الدولة إخلاء 55 فدانا بمنطقة وادي الحكمة التي تبعد عن مرسى مطروح حوالي 85 كيلومترا، بدعوى تنفيذ القرار الجمهوري لعام 1975م، لإقامة مشروع سياحي عالمي، بينما يرى أهالي المنطقة أن ما يجري بحقهم تهجيرا، لأن ملكية الأراضي أصبحت لهم بموجب قانون التقادم، مطالبين بالتراجع عن تهجيرهم.
وفيما تستمر الأزمة يتساءل الأهالي هل يواجهون سيناريو الوراق وطما مرة أخرى أم أن القوانين التي يرونها تقف في صفهم ستكون هي الفيصل؟
حصر الأراضي
على الرغم من اشتعال الأزمة مؤخّرا إلا أن اشتعالها لم يكن للمرة الأولى، إذ سبق واشتعلت الأزمة عام 2015، في عهد محافظ مطروح الأسبق، الذي أكّد وقتها أن إخلاء المنطقة لتنفيذ قرار جمهوري راجع لعام 1975، وأنه سيجري تعويض الأهالي ببناء مدينة سكنيّة كاملة لهم رغم عدم أحقيتهم، وعدم وجود أوراق تثبت ملكيّتهم للأرض.
وأثارت الأزمة العديد من الاعتراضات حينها، ولم يجرَ التوصّل إلى حلّ غير أن الوضع بقي معلّقا حتى منتصف سبتمبر الحالي، أي بعد ثلاث سنوات، إذ أعلنت محافظة مطروح بدء لجان حصر الأراضي بالمحافظة، وأعمال الرفع المساحي المبدئي لمساحة تتجاوز 2000 فدان بمنطقة رأس الحكمة، تمهيدا لإخلائها لإقامة مشروع سياحي سكني تابع لهيئة التنمية السياحية بوزارة السياحة.
وقامت اللجنة بقياس ورفع بيانات منطقة بطول 40 كيلو مترا، وبعمق 17 كيلومترا، من الساحل حتى الطريق الدولي الرابط بين مدينة مرسى مطروح ومحافظة الإسكندرية، فيما أبلغ المسؤولون الأهالي أنه جرى تحديد مبلغ 150 ألف جنيه تعويضا لكل فدان غير مسجل تسجيلا نهائيا.
وسبق عمل لجنة المساحة قيام اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وعلاء أبو زيد، محافظ مطروح الأسبق بالإعلان عن تسليم 99 أسرة من أهالي قرية رأس الحكمة ـ شرق مدينة مرسى مطروح ـ تعويضا عن إخلاء أراضيهم طواعية مبالغ بإجمالي 93 مليون جنيه.
وقال كامل الوزير خلال تسليم الأهالي التعويضات: “إن المشروع المقام في رأس الحكمة سيكون نواة لمدينة رأس الحكمة الجديدة، علي غرار مدينتي العلمين الجديدة، والضبعة الجديدة”.
نواب مطروح
على الرغم من الوعود الرسميّة بعدم التهجير، والإعلان عن التصالح، إلا أن رأي أهالي قرية رأس الحكمة مختلف، إذ زادت حالات التخوّف والتربّص بين الأهالي، وتواصلت اجتماعاتهم لمعرفة مصير قريتهم، وتناقلت صفحات التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور قالوا: إنها من اعتراضات الأهالي ضد قرار تهجيرهم لصالح إقامة مشروع سياحي كبير، على حد قولهم.
وانضمّ إلى اعتراضات الأهالي عدد من نواب مجلس النواب الحالي، بينهم أحمد خليل، وصلاح عياد، وأحمد الشريف، وعدد من قيادات حزب النور بمطروح.
وناقش النواب طلبات الأهالي، وحاولوا طمأنتهم بشأن الرفع المساحي، مؤكّدين أنه لا يعني تهجيرهم، فيما حمل الأهالي النواب رسالة لتوصيلها إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب بهدف مناقشة مطالبهم، مؤكّدين أنهم لا يمانعون إقامة مشروعات، ولكنهم يتخوّفون من إخلاء المساحة المحددة للمشروع، التي تضمّ عددا كبيرا من المنازل والزراعات.
نتائج المشروع
وعلى الرغم من قيام كامل الوزير بالتصالح مع 99 أسرة، إلا أن مرضي حامد الزعيري، المتحدّث باسم اللجان الشعبية للدفاع عن حقوق أهالي رأس الحكمة نقل تخوّف الأهالي من مستقبل المشروع المزمع إقامته، مشيرا إلى أن عدد سكان المنطقة ليس بقليل، بل تجاوز عددهم 40 ألف نسمة من 18 قبيلة مختلفة.
وأضاف في تصريح له: “أن مساحة المنطقة تبلغ 46 ألف فدان، ويوجد بها 6 قرى، ويوجد بها 25 ألف فدان مزروعة بأشجار التين والزيتون واللوز والعنب، وتعدّ من أكبر المناطق في المحافظة إنتاجا للتين”.
وتابع: “أن المنطقة تضم 20 مدرسة تعليم أساسي، ومعهد ديني، وكلية تمريض، ووحدتين صحيتين، وثلاث مستشفيات، و120 مسجدا، و1000 بئر وخزان مياه جوفية باتساعات مختلفة، و15 ألف منزل موزعة على 67 تجمعا سكنيا، وسبعة مراكز شباب، وطرق مرصوفة بإجمالي 120 كيلو مترا، و70 خزانا بسعة 200 طن للواحد”.
أضف تعليق